فصل: 1946- باب منه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***


1933- باب مَا يَقُول في سُجُودِ القُرْآن

تقدم هذا الباب مع حديثيه بعد باب السجدة في الحج‏.‏

3552- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا مُحمّدُ بنُ يَزِيدَ بنِ خُنَيْسٍ، حدثنا الْحَسَنُ بنُ مُحمّدِ بنِ عُبَيْدِ الله بنِ أبي يَزِيدَ قالَ قَالَ لِي ابنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَني عُبَيْدُ الله بنِ أَبي يَزِيدَ عَن ابنِ عَبّاسٍ قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ يَا رَسُولَ الله رَأَيْتُنِي اللّيْلَةَ وَأَنَا نائِمٌ كَأَنّي كنت أُصَلّي خَلْفَ شَجَرَةٍ فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتِ الشّجَرَةُ لِسُجُودِي فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ‏:‏ اللّهُمّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْراً وَضَعْ عَنّي بِهَا وِزْراً واجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْراً وتَقَبّلْهَا مِنّي كَمَا تَقَبّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ‏.‏ قالَ ابنُ جُرِيجٍ قالَ لِي جَدّكَ قالَ ابنُ عَبّاسٍ فَقَرأَ النبيّ صلى الله عليه وسلم سَجْدَةً ثُمّ سَجَدَ‏.‏ قالَ ابنُ عَبّاسٍ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ الرّجُلُ من قَوْلِ الشّجْرَةِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏ وفي البابِ عَنْ أَبي سَعِيدٍ‏.‏

3553- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا عَبْدُ الوّهّابِ الثّقَفِيّ حدثنا خَالِدٌ الحَذّاءُ عَن أَبي العلاء عَن عَائِشَةَ قالَتْ‏:‏ ‏"‏كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في سُجُودِ القُرْآنِ بِاللّيْلِ‏:‏ سَجَدَ وَجْهِي لِلّذِي خَلَقَهُ وَشَقّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوّتِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

1934- باب ما يَقُول إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِه

3554- حدثنا سَعِيدُ بنُ يَحْيى بنِ سَعيدٍ الأُمَوِيّ، حدثنا أَبِي، حدثنا ابنُ جُرَيْجٍ عَن إِسْحَاقَ بنِ عبْدِ الله بنِ أَبي طَلْحَةَ عَن أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ‏:‏ بِسْمِ الله تَوَكّلْتُ عَلَى الله لا حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إِلاّ بالله يُقَالُ لَهُ‏:‏ كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَتَنَحّى عَنْهُ الشّيْطَانُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏يعني إذا خرج من بيته‏)‏ هذا قول الراوي وفي رواية أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إذا خرج الرجل من بيته فقال‏:‏ بسم الله الخ‏"‏ ‏(‏يقال له‏)‏ أي يناديه ملك يا عبد الله ‏"‏كفيت‏"‏ بصيغة المجهول أي مهماتك وفي رواية أبو داود‏:‏ هديت وكفيت ‏"‏ووقيت‏"‏ من الوقاية أي حفظت من شر أعدائك ‏"‏وتنحى عنه الشيطان‏"‏ أي تبعد، زاد أبو داود في روايته فيقول شيطان آخر كيف لك برجل قد هدى وكفى ووقي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان وابن السني‏.‏

1935- باب منه

3555- حدثنا مَحمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا وكِيعٌ، حدثنا سُفْيَانُ عَن مَنْصُورٍ عَن عامِرٍ الشّعْبِيّ عَن أُمّ سَلَمَةَ ‏"‏أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قالَ‏:‏ بِسمِ الله تَوَكّلْتُ عَلَى الله اللّهُمّ إنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ نَزِلّ أوْ نَضِلّ أَوْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ أوْ نَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏قال بإسم الله‏)‏ أي خرجت مستعيناً بإسم الله ‏"‏توكلت على الله‏"‏ أي في جميع أموري ‏"‏من أن نزل‏"‏ أي عن الحق وهو بفتح النون وكسر الزاي وتشديد اللام من الزلة وهي ذنب من غير قصد تشبيهاً بزلة الرجل ‏"‏أو نضل‏"‏ من الضلالة، أي عن الهدى ‏"‏أو نظلم‏"‏ على بناء المعلوم أي أحداً ‏"‏أو نظلم‏"‏ على بناء المجهول أي من أحد ‏"‏أو نجهل‏"‏ على بناء المعروف أي أمور الدين أو حقوق الله أو حقوق الناس أو في المعاشرة والمخالطة مع الأصحاب أو نفعل بالناس فعل الجهال من الإيذاء وإيصال الضرر إليهم ‏"‏أو يجهل علينا‏"‏ بصيغة المجهول أي يفعل الناس بنا أفعال الجهال من إيصال الضرر إلينا‏.‏ قال الطيبي‏:‏ الزلة السيئة بلا قصد استعاذ من أن يصدر عنه ذنب بغير قصد أو قصد ومن أن يظلم الناس في المعاملات أو يؤذيهم في المخالطات أو يجهل أي يفعل بالناس فعل الجهال من الإيذاء انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن السني ولفظ أبي داود‏:‏ قالت ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي‏.‏ قال الطيبي‏:‏ إن الإنسان إذا خرج من منزله لا بد أن يعاشر الناس ويزاول الأمر فيخاف أن يعدل عن الصراط المستقيم فإما أن يكون في أمر الدين فلا يخلو من أن يضل أو يضل، وإما أن يكون في أمر الدنيا فإما بسبب جريان المعاملة معهم بأن يظلم أو يظلم وإما بسبب الاختلاط والمصاحبة فإما أن يجهل أو يجهل فاستعيذ من هذه الأحوال كلها بلفظ سلس موجز وروعي المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية كقول الشاعر‏:‏

لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا

1936- باب ما يَقُولُ إذا دَخَلَ السّوق

3556- حدثنا أحمدُ بنُ مَنِيعٍ، حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ قالَ حدثنا أزْهَرُ بنُ سِنَانٍ، أخبرنا مُحمّدُ بنُ واسِعٍ قالَ قَدِمْتُ مَكّةَ فَلَقِيَني أَخِي سالِمُ بنُ عبْدِ الله بنِ عُمَرَ فَحَدثني عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ دَخَلَ السّوقَ فقالَ لا إلَهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيرُ وهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِير‏"‏ كَتَبَ الله لَهُ ألْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ وَمَحى عَنْهُ أَلْفَ أَلْفَ سَيّئَةٍ ورَفَعَ لَهُ ألْفَ ألْفِ دَرَجَةٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ وقَدْ رَواهُ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ، وهو قَهْرَمانُ آلِ الزّبَيْرِ عَن سالمِ بنِ عَبْدِ الله هَذَا الحدِيثَ نَحْوَهُ‏.‏

3557- حدثنا بِذَلِكَ أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ، حدثنا حمّادُ بنُ زَيْدٍ وَالمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ قالاَ‏:‏ أخبرنا عَمْرُو بنُ دِينَارٍ وَهُوَ قَهْرَمانُ آلِ الزّبَيْرِ عَن سَالمٍ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ‏:‏ ‏"‏أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ مَنْ قالَ في السّوقِ لاَ إِلَه إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُو عَلَى كُلّ شَيْءَ قَدِيرٌ‏.‏ كَتَب الله لَهُ ألْفَ ألْفَ حَسَنَةٍ وَمَحَى عَنْهُ أَلْفَ أَلْفَ سَيّئَة وَبَنَى لَهُ بَيْتاً في الجَنّةِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وعمرو بن دينار هذا هو شيخ بصري وقد تكلم فيه بعض أصحاب الحديث من غير هذا الوجه‏.‏ ورواه يحى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن عمر رضي الله عنه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أزهر بن سنان‏)‏ بكسر سين مهملة وخفة نون أولى البصري أبو خالد القرشي ضعيف من السابعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فلقيني‏)‏ أخي أي في الدين ‏"‏من دخل السوق‏"‏ قال الطيبي‏:‏ خصه بالذكر لأنه مكان لأنه مكان الغفلة عن ذكر الله والاشتغال بالتجارة فهو موضع سلطنة الشيطان ومجمع جنوده فالذاكر هناك يحارب الشيطان ويهزم جنوده فهو خليق بما ذكر من الثواب انتهى‏.‏ ‏"‏فقال‏"‏ أي سراً أو جهراً ‏"‏بيده الخير‏"‏ وكذا الشر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل كل من عند الله‏}‏ فهو من باب الإكتفاء أو من طريق الأدب فإن الشر لا ينسب إليه ‏"‏وهو على كل شيء‏"‏ أي مشيء ‏"‏قدير‏"‏ تام القدرة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ فمن ذكر الله فيه دخل في زمرة من قال تعالى في حقهم ‏"‏رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله‏"‏ ‏"‏كتب الله له‏"‏ أي أثبت له أوامر بالكتابة لأجله ‏"‏ومحى عنه‏"‏ أي بالمغفرة أو أمر بالمحو عن صحيفته‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث وكلام الترمذي هذا ما لفظه إسناده متصل حسن ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به‏.‏ وقال الترمذي في رواية‏:‏ له مكان ورفع له ألف ألف درجة وبني له بيتاً في الجنة، ورواه بهذا اللفظ ابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه كلهم من رواية عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده، ورواه الحاكم أيضاً من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً أيضاً وقال صحيح الإسناد، كذا قال وفي إسناده مسروق بن المرزبان يأتي الكلام عليه انتهى‏.‏

قلت‏:‏ قد ذكر في آخر كتابه مسروق بن المرزبان وقال قال أبو حاتم ليس بالقوي ووثقه غيره وذكر أيضاً أزهر بن سنان وقال قال ابن معين ليس بشيء وقال ابن عدي ليست أحاديثه بالمنكرة جداً أرجو أنه لا بأس به انتهى‏.‏ وقال الشركاني في تحفة الذاكيرين والحديث أقل أحواله أن يكون حسناً وإن كان في ذكر العدد على هذه الصفة نكارة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عمرو بن دينار‏)‏ البصري الأعور يكنى أبا يحيى ضعيف من السادسة ‏(‏وهو قهرمان آل الزبير‏)‏ بفتح قاف وسكون هاء وفتح راء قال الجزري في النهاية وهو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس انتهى‏.‏

1937- باب ما يَقُولُ العَبْدُ إذَا مَرِض

3558- حدثنا سُفْيانُ بنُ وَكِيعٍ حدثنا إسماعيلُ بنُ مُحمّدِ بنِ جُحَادَة حدثنا عبْدُ الجَبّارِ بنُ عَبّاسٍ عَن أَبي إسحْاقَ عَن الأغَرّ أَبي مُسْلمٍ قالَ أشْهَدُ عَلَى أَبي سعِيدٍ وَ أبي هُرَيْرَةَ أنّهُمَا شَهِدَا عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّهُ قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ لا إلَهَ إِلاّ الله وَالله أكْبَرُ‏.‏ صَدّقَهُ رَبّهُ وَقالَ لا إلَهَ إلاّ أَنا وَأنا أكْبَرُ‏.‏ وَإذَا قالَ لا إلَهَ إلاّ الله وَحْدَهُ‏.‏ قالَ يَقُولُ الله لا إلَهَ إلاّ أنَا وَأنا وَحْدِي‏.‏ وَإذَا قالَ لا إلَهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ‏.‏ قَالَ الله لا إلهَ إلاّ أنا وَحْدِي لا شَرِيكَ لِي‏.‏ وَإذَا قالَ لا إلَهَ إلاّ الله لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمدُ‏.‏ قالَ الله لا إلَهَ إلاّ أنَا لِيَ الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ‏.‏ وَإذَا قالَ لا إلَهَ إلاّ الله ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إلاّ بالله‏.‏ قالَ الله لا إلَهَ إلاّ أنَا وَلا حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إلاّ بِي‏.‏ وَكانَ يَقُولُ مَنْ قالَهَا في مَرَضِهِ ثُمّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النّارُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ‏.‏ وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَن أبي إسْحَاقَ عَن الأَغَرّ أبي مُسْلِمٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ وَأبي سَعِيدٍ بنَحْوِ هَذَا الحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعْبَةُ‏.‏

3559- حدثنا بِذَلِكَ مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ قَالَ‏:‏ أخبرنا مُحمّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَن شُعْبَةَ بِهَذَا‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن محمد بن جحادة‏)‏ بضم جيم وخفة هاء مهملة وإهمال دال العطار الكوفي في المكفوف صدوق يهم من التاسعة ‏(‏حدثنا عبد الجبار بن عباس‏)‏ الشامي ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ السبيعي ‏(‏أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة‏)‏ ظاهر في أنه سمعه منهما، قال ابن التين أراد بهذا اللفظ التأكيد للرواية انتهى‏.‏ قلت‏:‏ هو من ألفاظ تحمل الحديث‏.‏ قال السيوطي في تدريب الراوي عقد الرامهر مزي بابا في تنويع ألفاظ التحمل منهما الإتيان بلفظ الشهادة كقول أبي سعيد أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجران ينتبذ فيه، وقول عبد الله بن طاؤس أشهد على والدي أنه قال أشهد على جابر بن عبد الله أنه قال أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أمرت أن أقاتل الناس الحديث انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صدقه ربه وقال‏)‏ أي وقال الرب بياناً لتصديقه أي قرره بأن قال ‏"‏لا إله إلا أنا وأنا أكبر‏"‏ وهذا أبلغ من أن يقول صدقت ‏"‏وإذا قال‏"‏ أي العبد ‏"‏قال يقول الله‏"‏ أي قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تصديقاً لعبده وحذف صدقه ربه هنا للعلم به مما قبله وعبر هنا بيقول وممة وفيما يأتي يقال تفننا ‏{‏وكان يقول‏}‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏من قالها‏"‏ أي هذه الكلمات من دون الجوابات ‏"‏ثم مات‏"‏ أي من ذلك المرض ‏"‏لم تطعمه النار‏"‏ قال الطيبي‏:‏ أي لم تأكله، استعار الطعم للاحراق مبالغة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه النسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححاه‏.‏

1938- بابُ مَا يَقُولُ إذَا رَأى مُبْتَلًى

3560- حدثنا مُحمّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ بَزِيعٍ، حدثنا عَبْدُ الوارِثِ بنُ سَعِيدٍ عَن عَمْرِو بنِ دِينَارٍ مَوْلَى آلِ الزّبَيْرِ عَن سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عَن ابنِ عُمَرَ عَن عُمَرَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏مَنْ رَأى صَاحِبَ بَلاَءٍ فَقَالَ الْحَمدُ لله الّذِي عَافَانِي مِمّا ابْتَلاَكَ بِهِ وَفَضّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمّنْ خَلقَ تَفْضِيلاً‏.‏ إلاّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ كَائِناً مَا كَانَ مَا عَاشَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذَا حَدِيثٌ غَريبٌ‏.‏ وفي البابِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ‏.‏ وعَمْرو بنُ دِينَارٍ قَهْرُمَان آلِ الزّبَيْرِ هُوَ شَيْخٌ بَصْرِيّ وَلَيْسَ هو بالقَوِيّ في الحَدِيثِ وَقَدْ تَفَرّدَ بأحَادِيثَ عَن سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ‏.‏ وَقد رُوِيَ عَن أبي جَعْفَرٍ محمد بنِ عَليّ أنّهُ قَالَ إذَا رَأَى صَاحِبَ بَلاَءٍ فَتَعَوّذ منه يَقُولُ ذَلِكَ في نَفْسِهِ وَلا يُسْمِعُ صَاحِبَ البَلاءِ‏.‏

3561- حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الشّيْبَانِيّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حدثنا مُطَرّفُ بنُ عَبْدِ الله المَدَنيّ حدثنا عَبْدُ الله بنُ عُمَر العُمَرِيّ عَن سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ عَن أبيهِ عَن أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏مَنْ رَأى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمدُ لله الّذِي عَافَانِي مِمّا ابْتَلاَكَ بِهِ وَفَضّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلاَءُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حسن غَريبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏من رأى صاحب بلاء‏"‏ أي مبتلي في أمر بدني كبرص وقصر فاحش أو طول مفرط أو عمى أو عرج أو أعوجاج يد ونحوها، أو ديني بنحو فسق وظلم وبدعة وكفر وغيرها ‏"‏الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به‏"‏ فإن العافية أوسع من البلية لأنها مظنة الجزع والفتنة وحينئذ تكون محنة أي محنة، والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما ورد ‏"‏وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً‏"‏ أي في الدين والدنيا والقلب والقالب ‏"‏إلا عوفي من ذلك البلاء‏"‏ أي لم ير أحد صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني الخ إلا عوفي من ذلك البلاء أو إلا زائدة كما في قول الشاعر‏.‏

حراجيج ما تنفك إلا مناخة *** على الخسف أو ترمي بها بلدا قفرا

‏"‏كائناً ما كان‏"‏ أي حال كون ذلك البلاء أي بلاء كان ‏"‏ما عاش‏"‏ أي مدة بقائه في الدنيا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي هريرة‏)‏ أخرجه الترمذي بعد هذا قوله‏:‏ ‏(‏يقول ذلك في نفسه ولا يسمع صاحب البلاء‏)‏ قال الطيبي في شرح قوله‏:‏ ‏"‏الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به‏"‏‏.‏ هذا إذا كان مبتلي بالمعاصي والفسوق، وأما إذا كان مريضاً أو ناقص الخلقة لا يحسن الخطاب‏.‏ قال القاري‏:‏ الصواب أنه يأتي به لورود الحديث بذلك، وإنما يعدل عن رفع الصوت إلى إخفائه في غير الفاسق بل في حقه أيضاً إذا كان يترتب عليه مفسدة ويسمع صاحب البلاء الديني إذا أراد زجره ويرجو انزجاره انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مطرف‏)‏ بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة ‏(‏بن عبد الله‏)‏ بن مطرف اليساري أبو مصعب المدني ابن أخت مالك ثقة لم يصب ابن عدي في تضعيفه من كبار العاشرة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه البزار والطبراني في الصغير وقال فيه فإذا شكر ذلك شكر تلك النعمة وإسناده حسن كذا في الترغيب‏.‏

1939- باب مَا يَقُولُ إذَا قَامَ مِنْ المَجْلِس

3562- حدثنا أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبي السّفَرِ الكُوفِيّ واسْمُهُ‏:‏ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الله الهَمْدَانيّ حدثنا الحَجّاجُ بنُ مُحمّدٍ قَالَ قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عَن سُهَيْلِ بنِ أبي صَالِحٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏مَنْ جَلَس في مَجْلِسٍ فَكثُرَ فيهِ لَغَطُهُ‏؟‏ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ‏:‏ سُبْحَانَكَ اللّهُمّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أن لاَ إلَهَ إلاّ أنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلاّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ‏"‏‏.‏

وفي البابِ عَن أَبي بَرْزَةَ وعَائِشَةَ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ إلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

3563- حدثنا نَصْرُ بنُ عَبْدِ الله الكُوفِيّ حدثنا المُحَارِبيّ عَن مَالِكٍ بنِ مِغْوَلٍ عَن مُحمّدِ بنِ سُوقَةَ عَن نَافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ قَالَ ‏"‏كَانَ يُعَدّ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في المجلِسِ الوَاحِدِ مائَة مَرّةٍ مِنْ قَبْلِ أن يَقُومَ رَبّ اغْفِرْ لِي وتُبْ عَلَيّ إِنّكَ أَنْتَ التّوّابُ الغَفُورُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الحجاج بن محمد‏)‏ المصيصي الأعور‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏فكثر‏"‏ بضم الثاء ‏"‏لغطه‏"‏ بفتحتين أي تكلم بما فيه إثم لقوله غفر له‏.‏ وقال الطيبي اللغط بالتحريك الصوت والمراد به الهزء من القول وما لا طائل تحته فكأنه مجرد الصوت العرى عن المعنى ‏"‏فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك‏"‏ ولعله مقتبس من قوله تعالى ‏{‏وسبح بحمد ربك حين تقوم‏}‏ واللهم معترض لأن قوله وبحمدك متصل بقوله سبحانك إما بالعطف أي أسبح وأحمد أو بالحال أي أسبح حامداً لك ‏"‏إلا غفر له‏"‏ أي ما حبس شخصاً مجلس فكثر لغطه فيه فقال ذلك إلا غفر له ‏"‏ما كان‏"‏ أي من اللغط‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي برزة وعائشة‏)‏ أما حديث أبي برزة فأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك، وأما حديث عائشة فأخرجه النسائي والحاكم في المستدرك وصححه‏.‏ وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الشوكاني في تحفة الذاكرين، وقد أفرد الحافظ ابن كثير لأحاديث الباب جزءاً بذكر طرقها وألفاظها وعللها وما يتعلق بها‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم في مستدركه والبيهقي في الدعوات الكبير وابن حبان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا المحاربي‏)‏ هو عبد الرحمن بن محمد‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏تعد‏)‏ بضم الفوقية بصيغة المجهول ونائب الفاعل قوله رب اغفر لي الخ، وفي بعض النسخ يعد بالتحتية، وفي رواية أبي داود إن كنا لنعد ‏(‏لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ متعلق بتعد ‏(‏مائة مرة‏)‏ مفعول مطلق لتعد ‏"‏وتب علي‏"‏ أي إرجع علي بالرحمة أو وفقني للتوبة أو أقبل توبتي ‏"‏إنك أنت التواب الغفور‏"‏ صيغتا مبالغة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان‏.‏

1940- باب ما جاء مَا يَقُولُ عِنْدَ الكَرْب

3564- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا معَاذُ بنُ هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حدثني أَبي عَن قَتَادَةَ عَن أَبي العَالِيَةِ عَن ابنِ عَبّاسٍ ‏"‏أَنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ لاَ إلَهَ إلاّ الله الحَلِيمُ الْحَكِيمُ لا إلَهَ إلاّ الله رَبّ العَرْشِ العَظيمِ، لا الَهَ الاّ الله رَبّ السّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَرَبّ العَرْشِ الكَرِيمِ‏"‏‏.‏

3565- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا ابنُ أَبي عَدِيّ عَن هِشَامٍ عَن قَتَادَةَ عَن أَبي العَالِيَةِ عَن ابنِ عَبّاسٍ عَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بِمثْلِهِ قال وفي البابِ عَن عَلِيّ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3566- حدثنا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيّ المُدَنِيّ وَغَيْرُ وَاحِد قَالُوا‏:‏ حدثنا ابنُ أبي فُدَيْكٍ عَن ابْرَاهِيمَ بنِ الفَضْلِ عَن المَقْبُرِيّ عَن أَبي هُرَيْرَةَ ‏"‏أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَهَمّهُ الأَمْرُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السّمَاءِ فَقَالَ‏:‏ سُبْحَانَ الله العَظِيمِ وَإِذَا اجْتَهَدَ في الدّعَاءِ قَالَ‏:‏ يَا حَيّ يَا قَيّومُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حسنٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثني أبي‏)‏ أي هشام الدستوائي ‏(‏عن أبي العالية‏)‏ هو الرياحي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كان يدعو عند الكرب‏)‏ أي عند حلول الكرب وهو بفتح الكاف وسكون الراء بعدها موحدة أي الغم الذي يأخذ النفس كذا في الصحاح، وقيل الكرب أشد الغم‏.‏ وقال الحافظ هو ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه ‏"‏لا إله إلا الله الحليم‏"‏ هو الذي يؤخر العقوبة مع القدرة ‏"‏الحكيم‏"‏ أي ذو الحكمة وهي كمال العلم وإتقان العمل أو فعيل بمعنى الفاعل فهو مبالغة الحاكم فإنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه، أو بمعنى المفعل أي الذي يحكم الأشياء ويتقنها ‏"‏لا إله إلا الله رب العرش العظيم‏"‏ بالجر على أنه نعت للعرش عند الجمهور، ونقل ابن التين عن الداودي أنه رواه برفع العظيم على أنه نعت للرب وكذا الكريم في قوله رب العرش الكريم، ووصف العرش بالكريم أي الحسن من جهة الكيفية فهو ممدوح ذاتاً وصفة، وفي قوله رب العرش العظيم وصفه بالعظمة من جهة الكمية‏.‏ قال النووي‏:‏ هذا حديث جليل ينبغي الإعتناء به والإكثار عنه عند الكرب والأمور العظيمة، قال الطبري‏:‏ كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب، فإن قيل هذا ذكر وليس فيه دعاء فجوابه من وجهين مشهورين أحدهما‏:‏ أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء، والثاني‏:‏ جواب سفيان بن عيينة فقال أما علمت قوله تعالى من شغله ذكر عن مسألتي أفضل ما أعطى السائلين، وقال الشاعر‏:‏

إذا أثنى عليك المرء يوماً *** كفاه عن تعرضه الثناء

انتهى‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيد الأول رواية أبي عوانة فإنه زاد في مسنده الصحيح ثم يدعو بعد ذلك، قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن علي‏)‏ أخرجه النسائي وصححه الحاكم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن إبراهيم بن الفضل‏)‏ المخزومي المدني ‏(‏عن المقبري‏)‏ هو سعيد ابن أبي سعيد المقبري‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏إذا أهمه الأمر‏)‏ أي أحزنه وأقلقه ‏(‏رفع رأسه إلى السماء‏)‏ مستغيثاً مستعيناً متضرعاً ‏(‏وإذا اجتهد في الدعاء‏)‏ أي بذل الوسع فيه‏.‏

1941- باب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا

3567- حدثنا قُتَيْبَةُ، أخبرنا اللّيْثُ عَن يَزِيدَ بنِ أَبي حَبِيبٍ عَن الحارثِ بنِ يَعْقُوبَ عَن يَعْقُوبَ بنِ عَبْدِ الله بنِ الأَشَجّ عَن بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ عَن سَعْدِ بنِ أَبي وَقّاصٍ عَن خَوْلَةَ بِنْت الحَكِيمِ السّلَمِيّةِ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمّ قَالَ أَعُوذُ بِكلِمَاتِ الله التّامّاتِ مِن شَرّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرّهُ شيءٌ حَتّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏ وَرَوى مَالِكُ بنُ أَنَسٍ هَذَا الحَدِيثَ أَنّهُ بَلَغَهُ عَن يَعْقُوبَ بن عبد الله بنِ الأَشَجّ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الحَدِيثِ، وَرُوِيَ عَن ابنِ عَجْلاَنَ هَذَا الحَدِيثُ عَن يَعْقُوبَ بنِ عَبْدِ الله بنِ الأَشَجّ وَيَقُولُ عَن سَعِيدٍ بنِ المُسَيّبِ عَن خَوْلَةَ قال وحَدِيثُ اللّيْثِ أَصَحّ مِنْ رِوَايَةِ ابنِ عَجْلاَنَ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا الليث‏)‏ هو ابن سعد ‏(‏عن الحارث بن يعقوب‏)‏ الأنصاري مولاهم المصري ثقة عابد من الخامسة ‏(‏عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج‏)‏ أبي يوسف المدني مولى قريش ثقة من الخامسة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏أعوذ بكلمات الله التامات‏"‏ قال الهروي وغيره‏:‏ الكلمات هي القرآن والتامات قيل هي الكاملات، والمعنى أنه لا يدخلها نقص ولا عيب كما يدخل في كلام الناس، وقيل هي النافعات الكافيات الشافيات من كل ما يتعوذ منه ‏"‏حتى يرتحل‏"‏ أي ينتقل، وفيه رد على ما كان يفعله أهل الجاهلية من كونهم إذا نزلوا منزلاً قالوا نعوذ بسيد هذا الوادي ويعنون به كبير الجن، ومنه قوله تعالى في سورة الجن ‏{‏وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً‏}‏‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي شيبة وابن خزيمة في صحيحه ‏(‏وروى مالك بن أنس هذا الحديث أنه بلغه عن يعقوب بن الأشج الخ‏)‏ وفي موطإ مالك عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد الخ ‏(‏وروى عن ابن عجلان هذا الحديث عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج ويقول عن سعيد بن المسيب عن خلولة‏)‏ رواه أحمد من هذا الطريق ففي مسنده حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا وهيب بن خالد قال حدثنا محمد بن عجلان عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن سعيد بن المسيب عن سعد عن خولة بنت حكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لو أن أحدكم إذا نزل منزلا الحديث‏"‏ ‏(‏وحديث الليث أصح من رواية ابن عجلان‏)‏ لأن الحارث بن يعقوب أحفظ من ابن عجلان‏.‏

1942- باب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرا

3568- حدثنا مُحمّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيّ المُقَدّمِيّ، أخبرنا ابنُ أَبي عَدِيّ عَن شُعْبَةَ عَن عَبْدِ الله بنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيّ عَن أبي زُرْعَةَ عَن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏"‏كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا سافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ قَالَ بإِصْبَعِهِ وَمَدّ شُعْبَةُ إصْبَعَهُ قَالَ‏:‏ اللّهُمّ أَنْتَ الصّاحِبُ في السّفَرِ والخَلِيفَةُ في الأَهْلِ، اللّهُمّ اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ وَاقْلِبْنَا بِذِمّةٍ‏.‏ اللّهُمّ ازْوِ لَنَا الأَرْضَ وَهَوّنْ عَلَيْنَا السّفَرَ‏.‏ اللّهُمّ إنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ وَكآبَةِ المُنْقَلِب‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ كنت لا أعرف هذا الأمن حديث بن عديّ حتى حدثني بن سويد‏.‏

3569- حدثنا سُوَيْدُ بنُ نَصْرٍ، أخبرنا عَبْدُ الله بنُ المُبَارَكِ حدثنا شُعْبَةُ بِهذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذَا حَدِيث حَسَنٌ غريبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ولاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ ابنِ أبي عَدِيّ عَن شُعْبَةَ‏.‏

3570- حدثنا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبِيّ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ عَن عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَن عَبْدِ الله بنِ سَرْجِسَ قَالَ ‏"‏كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَافَرَ يَقُولُ‏:‏ اللّهُمّ أنْتَ الصّاحِبُ في السّفَرِ والخَلِيفَةُ في الأَهْلِ اللّهْمّ اصْحَبْنَا في سَفَرِنَا واخْلُفْنَا في أَهْلنَا‏.‏ اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ وَكآبَةِ المُنْقَلَبِ ومِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ ومِنْ دَعْوَةِ المَظْلُومِ ومِنْ سُوءِ المَنْظِرِ في الأَهْلِ والمَال‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ قال‏:‏ ويُروَى الحَوْر ‏"‏بَعْدَ الكَوْنِ‏"‏ أَيضاً‏.‏ قال‏:‏ ومَعْنَى قَوْلِهِ ‏"‏الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ‏"‏ أَو ‏"‏الكَوْرِ‏"‏ وَكلاَهُمَا لَهُ وَجْهٌ إنّمَا هُوَ الرّجُوعُ مِنَ الإِيمَانِ إِلى الكُفْرِ أو مِنَ الطّاعَةِ إلى المَعْصِيَةِ إنّمَا يَعْنِي الرُجُوعِ من شَيْءٍ إلى شَيْءٍ مِنَ الشّرّ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا ابن أبي عدي‏)‏ هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ‏(‏عن عبد الله ابن بشر الخثعمي‏)‏ أبي عمير الكاتب الكوفي صدوق من الرابعة ‏(‏عن أبي زرعة‏)‏ بن عمرو بن جرير‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏قال بإصبعه‏)‏ أي أشار بها ‏(‏ومد شعبة أصبعه‏)‏ بياناً لقوله قال بأصبعه ‏"‏أللهم أنت الصاحب في السفر‏"‏ أي الحافظ والمعين والصاحب في الأصل الملازم والمراد مصاحبة الله إياه بالعناية والحفظ والرعاية، فنبة بهذا القول على الاعتماد عليه والاكتفاء به عن كل مصاحب سواه ‏"‏والخليفة في الأهل‏"‏ الخليفة من يقوم مقام أحد في إصلاح أمره‏.‏ قال التوربشتي‏:‏ المعنى أنت الذي أرجوه وأعتمد عليه في سفري بأن يكون معيني وحافظي وفي غيبتي عن أهلي أن تلم شعثهم وتداوي سقمهم وتحفظ عليهم دينهم وأمانتهم ‏"‏أللهم اصحبنا‏"‏ بفتح الحاء من باب سمع يسمع ‏"‏بنصحك‏"‏ أي احفظنا بحفظك في سفرنا ‏"‏واقلبنا‏"‏ بكسر اللام من باب ضرب يضرب ‏"‏بذمة‏"‏ وفي بعض النسخ بذمتك أي وارجعنا بأمانك وعهدك إلى بلدنا ‏"‏أللهم أزو لنا الأرض‏"‏ أي إجمعها واطوها من زاوي يزوي زيا ‏"‏وهون‏"‏ أمر من التهوين أي يسر ‏"‏من وعثاء السفر‏"‏ بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة بالمد أي شدته ومشقته وأصله من الوعث وهو الرمل والمشي فيه يشتد على صاحبه ويشق يقال رمل أوعث وعثاء ‏"‏وكآبة المنقلب‏"‏ الكآبة بفتح الكاف وبالمد وهي تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن يقال كئب كآبة واكئب فهو مكتئب وكئيب المعنى أنه يرجع من سفره بأمر يحزنه إما إصابة في سفره وإما قدم عليه مثل أن يعود غير مقضي الحاجة أو أصابت ماله آفة أو يقدم على أهله فيجدهم مرضى أو قد فقد بعضهم كذا في النهاية‏.‏ والمنقلب بفتح اللام المرجع‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم في مستدركه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏واخلفنا‏"‏ بضم اللام من باب نصر أي كن خليفتنا ‏"‏ومن الحور بعد الكور‏"‏ أي من النقصان بعد الزيادة وقيل من فساد الأمور بعد صلاحها، وأصل الحور نقض العمامة بعد لفها وأصل الكور من تكوير العامة وهو لفها وجمعها ‏"‏ومن دعوة المظلوم‏"‏ أي أعوذ بك من الظلم فإنه يترتب عليه دعاء المظلوم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ففيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه‏.‏ قال الطيبي فإن قلت‏:‏ دعوة المظلوم يحترز عنها سواء كانت في الحضر أو السفر، قلت كذلك الحور بعد الكور لكن السفر مظنة البلايا والمصائب والمشقة فيه أكثر فخصت به انتهى‏.‏ ويريد به أنه حينئذ مظنة للنقصان في الدين والدنيا وباعث على التعدي في حق الرفقة وغيرهم لا سيما في مضيق الماء كما هو مشاهد في سفر الحج فضلاً عن غيره ‏"‏ومن سوء المنظر‏"‏ بفتح الظاء ‏"‏في الأهل والمال‏"‏ أي من أن يطمع ظالم أو فاجر في المال والأهل قاله القاري، وقال في المجمع‏:‏ سوء المنظر في الأهل والمال أن يصيبهما آفة بسوء النظر إليه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة ‏(‏ويروي الحور بعد الكون أيضاً‏)‏ كذا رواه مسلم في صحيحه بالنون‏.‏ قال النووي‏:‏ هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم بعد الكون بالنون بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون‏.‏ وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم ‏(‏ومعنى قوله الحور بعد الكون أو الكور ا لخ‏)‏ قال النووي بعد ذكر كلام الترمذي هذا وكذا قال غيره من العلماء معناه بالراء والنون جميعاً الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص، قالوا‏:‏ ورواية الراء‏:‏ مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها، ورواية النون‏:‏ مأخوذة من الكون مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر أي أعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات‏.‏ قال المازري في رواية الراء قيل أيضاً‏:‏ إن معناه‏:‏ أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها، يقال‏:‏ كان عمامته إذا لفها، وحارها إذا نقضها‏.‏ وقيل‏:‏ نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس‏.‏ وعلى رواية النون قال أبو عبيد‏:‏ سئل عاصم عن معناه فقال‏:‏ ألم تسمع قولهم‏:‏ ‏(‏حار بعد ما كان‏)‏ أي أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها انتهى‏.‏

1943- باب مَا يَقُولُ إذَا قدِم مِنَ السفر

3571- حدثنا مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا أبُو دَاوُدَ، قال‏:‏ أنْبَأنَا شُعْبَةُ عَن أبي إسْحَاقَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الرّبِيعَ بن البَرَاءِ بن عَازِبٍ يُحَدّثُ عَن أَبِيهِ‏:‏ ‏"‏أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ قالَ‏:‏ آيْبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبّنَا حَامِدُونَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وَرَوى الثّوْرِيّ هَذَا الحَدِيثَ عَن أَبي إسْحَاقَ عَن البَرَاءِ ولَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَن الرّبِيعِ بنِ البَرَاءِ‏.‏ وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ أَصَحّ‏.‏

وفي البابِ عَن ابنِ عمَرَ وَأنَسٍ وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ الله‏.‏

3572- حدثنا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ، أخبرنا إسْمَاعيلُ بنُ جَعْفَرٍ عَن حُمَيْدٍ عَن أنَسٍ ‏"‏أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلى جُدْرَانِ المَدِينَةِ أوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإنْ كانَ عَلَى دَابّةٍ حَرّكَهَا مِنْ حُبّهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو داود‏)‏ هو الطيالسي ‏(‏سمعت ألربيع بن البراء بن عازب‏)‏ الأنصاري الكوفي ثقة من الثالثة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏آئبون‏"‏ أي نحن راجعون جمع آئب من آب إذا رجع، قال الحافظ وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع فإنه تحصيل الحاصل بل الرجوع في حالة مخصوصة وهي تلبسهم بالعبادة المخصوصة والاتصاف بالأوصاف المذكورة يعني في حديث ابن عمر الذي أشار إليه الترمذي في الباب ‏"‏تائبون‏"‏ فيه إشارة إلى التقصير في العبادة وقال صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع أو تعليماً لأمته، والمراد أمته، وقد تستعمل التوبة لإرادة الاستمرار على الطاعة فيكون أن لا يقع منهم ذنب ‏"‏لربنا حامدون‏"‏ أي لا لغيره لأنه هو المنعم علينا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد في مسنده ‏(‏وروى الثوري هذا الحديث عن أبي إسحاق عن البراء ولم يذكر فيه عن الربيع بن البراء‏)‏ ورواية الثوري هذه أخرجها أحمد في مسنده ‏(‏ورواية شعبة أصح لا يظهر وجه الأصحية فتفكر‏)‏‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن عمر وأنس وجابر بن عبد الله‏)‏ أما حديث ابن عمر فأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ولفظ البخاري‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول لا ‏"‏إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وهو على كل شيء قدير آئبون‏"‏ الحديث، وأما حديث أنس فأخرجه الشيخان والنسائي، وأما حديث جابر بن عبد الله فلينظر من أخرجه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا إسماعيل بن جعفر‏)‏ الأنصاري الزرقي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فنظر إلى جدران المدينة‏)‏ بضم الجيم وسكون الدال وفي آخره نون جمع جدار ‏(‏أوضع راحلته‏)‏ أي أسرعها يقال وضع البعير أي أسرع في مشيه وأوضعه راكبه أي حمله على السير السريع، والإيضاع مخصوص بالبعير والراحلة النجيب والنجيبة من الإبل في الحديث‏:‏ ‏"‏الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة‏"‏ ‏(‏وإن كان على دابة‏)‏ كالبغل والفرس ‏(‏حركها‏)‏ جواب إن ‏(‏من حبها‏)‏ تنازع فيه الفعلان أي من أجل حبه صلى الله عليه وسلم إياها أو أهلها‏.‏ وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشرعية حب الوطن والحنين إليه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والبخاري في الحج‏.‏

1944- باب ما يَقُولُ إذَا وَدّعَ إنْسَانا

3573- حدثنا أَحْمَدُ بنُ أبي عُبَيْدِ الله السّلِميّ البَصْرِي، حدثنا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ عَن إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ بنِ أُمَيّةَ عَن نَافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ قالَ‏:‏ ‏"‏كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إذَ وَدّعَ رَجُلاً أَخَذَ بِيَدِهِ فَلاَ يَدَعْهَا حَتّى يَكُونَ الرّجُلُ هُوَ يَدَعُ يَدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ‏:‏ أَسْتَوْدِعَ الله دِينَكَ وأمَانَتَكَ وآخِرَ عَمَلِكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏ ورُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن ابنِ عُمَرَ‏.‏

3574- حدثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ مُوسَى الفَزَارِيّ، حدثنا سَعِيدُ بنُ خُيْثَمٍ عَن حَنْظَلَةَ عَن سَالمٍ ‏"‏أنّ ابنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لِلرّجُلِ إذَا أَرَادَ سَفَراً أنْ ادْنُ مِنّي أوَدّعْكَ كَمَا كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُوَدّعُنَا فَيَقُولُ‏:‏ أسْتَوْدِعَ الله دِينَكَ وأمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ سَالمِ بنِ عَبْدِ الله‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد بن أبي عبيد الله‏)‏ إسم أبي عبيد الله هذا بشر، ووقع في النسخة الأحمدية‏:‏ أحمد بن عبيد الله بغير لفظ أبي وهو غلط ‏(‏عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أمية‏)‏ المدني مجهول من السابعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏إذا ودع رجلاً‏)‏ أي مسافراً ‏(‏أخذ بيده فلا يدعها‏)‏ أي فلا يترك يد ذلك الرجل من غاية التواضع ونهاية إظهار المحبة والرحمة ‏(‏ويقول‏)‏ أي للمودع ‏"‏أستودع الله دينك‏"‏ أي أستحفظ وأطلب منه حفظ دينك ‏"‏وأمانتك‏"‏ أي حفظ أمانتك فيما تزاوله من الأخذ والإعطاء ومعاشرة الناس في السفر إذ قد يقع منك هناك خيانة، وقيل أريد بالأمانة الأهل والأولاد الذين خلفهم، وقيل المراد بالأمانة التكاليف كلها كما فسر بها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً‏}‏ الاَية ‏"‏وآخر عملك‏"‏ أي في سفرك أو مطلقاً كذا قيل قال القاري، والأظهر أن المراد به حسن الخاتمة لأن المدار عليها في أمر الاَخرة وأن التقصير فيما قبلها مجبور بحسنها ويؤيده قوله وخواتيم عملك في الرواية الاَتية‏.‏ قال الطيبي قوله أستودع الله هو طلب حفظ الوديعة وفيه نوع مشاكلة للتوديع وجعل دينه وأمانته من الودائع لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سبباً لإهمال بعض أمور الدين فدعا له صلى الله عليه وسلم بالمعونة والتوفيق ولا يخلو الرجل في سفره ذلك من الاشتغال بما يحتاج فيه إلى الأخذ والإعطاء والمعاشرة مع الناس فدعا له بحفظ الأمانة والاجتناب عن الخيانة، ثم إذا انقلب إلى أهله يكون مأمون العاقبة عما يسوءه في الدين والدنيا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه ابن ماجة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن خثيم‏)‏ بمعجمة ومثلثة مصغر بن رشد الهلالي أبو معمر الكوفي صدوق رمي بالتشيع له أغاليط من التاسعة ‏(‏عن حنظلة‏)‏ بن أبي سفيان الجمحي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أن أدن‏)‏ أي أقرب أمر من دنا يدنو ‏"‏وخواتيم عملك‏"‏ جمع خاتم أي ما يختم به عملك أي أخبره‏.‏ والجمع لإفادة عموم أعماله‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحهما‏.‏

1945- باب منه

3575- حدثنا عَبْدُ الله بنُ أَبي زِيَادٍ، أخبرنا سَيّارٌ، أخبرنا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ عَن ثَابِتٍ عَن أَنَسٍ قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ يا رسولَ الله إنّي أُرِيدُ سَفَراً فَزَوّدْنِي، قالَ‏:‏ زَوّدَكَ الله التّقْوَى‏.‏ قالَ زِدْنِي‏.‏ قالَ وَغَفَر ذَنْبَكَ‏.‏ قالَ زِدْنِي بِأبي أنْتَ وأَمّي‏.‏ قالَ ويَسّر لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُ ما كُنْتَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا عبد الله بن أبي زياد‏)‏ القطواني الكوفي ‏(‏أخبرنا سيار‏)‏ بن حاتم العنزي أبو سلمة البصري ‏(‏حدثنا جعفر بن سليمان‏)‏ الضبعي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فزودني‏)‏ أمر من التزويد وهو إعطاء الزاد والزاد طعام يتخذ للسفر يعني ادع لي دعاء يكون بركته معي في سفري كالزاد ‏"‏زودك الله التقوى‏"‏ أي الاستغناء عن المخلوق أي امتثال الأوامر واجتناب النواهي ‏(‏قال زدني‏)‏ أي من الزاد أو من الدعاء ‏(‏قال زدني بأبي أنت وأمي‏)‏ أي أفديك بهما وأجعلهما فداءك فضلاً عن غيرهما ‏"‏ويسر لك الخير‏"‏ أي سهل لك خير الدارين ‏"‏حيث ما كنت‏"‏ أي في أي مكان حللت ومن لازمه في أي زمان نزلت‏.‏ قال الطيبي‏:‏ يحتمل أن الرجل طلب الزاد المتعارف فأجابه عليه الصلاة والسلام بما أجابه على طريقة أسلوب الحكيم أي زادك أن تتقي محارمه وتجتنب معاصيه ومن ثم لما طلب الزيادة قال وغفر ذنبك‏.‏ فإن الزيادة من جنس المزيد عليه وربما زعم الرجل أن يتقي الله وفي الحقيقة لا يكون تقوى تترتب عليه المغفرة فأشار بقوله وغفر ذنبك أن يكون ذلك الاتقاء بحيث يترتب عليه المغفرة ثم توقي منه إلى قوله ويسر لك الخير فإن التعريف في الخير للجنس فيتناول خير الدنيا والاَخرة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه النسائي والحاكم في مستدركه‏.‏

1946- باب منه

3576- حدثنا مُوسَى بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الكِنْدِيّ الكُوفيّ حدثنا زَيْدُ بنُ حُبَابٍ قالَ‏:‏ أخْبَرَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ عَن سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏أنّ رَجُلاً قالَ يا رسولَ الله إنّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فأَوْصِنِي، قَالَ عَلَيْكَ بِتَقْوَى الله، وَالتّكْبِير عَلَى كُلّ شَرَفٍ‏.‏ فَلَمّا أن وَلّى الرّجُلُ قالَ‏:‏ اللّهُمّ اطْوِ لَهُ الأرْض، وَهَوّنْ عَلَيْهِ السّفَرَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زيد بن حباب‏)‏ أبو الحسين العكلي ‏(‏أخبرني أسامة بن زيد‏)‏ الليثي قوله‏:‏ ‏"‏عليك بتقوى الله‏"‏ أي بمخافته والحذر من عصيانه ‏"‏والتكبير‏"‏ أي قول الله أكبر، ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس لما فيه من استشعار الكبرياء فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى وأنه أكبر من كل شيء فيكبره ليشكر له ذلك فيزيده من فضله‏.‏ قاله الحافظ‏:‏ ‏"‏على كل شرف‏"‏ بالتحريك أي مكان عال ‏(‏فلما أن ولى الرجل‏)‏ أي أدبر وأن زائدة ‏(‏قال‏)‏ أي دعا له بظهر الغيب فإنه أقرب إلى الإجابة ‏"‏أللهم اطو له البعد‏"‏ أمر من الطي أي قربه له وسهل له والمعنى إرفع عنه مشقة السفر بتقريب المسافة البعيدة له حساً أو معنى ‏"‏وهون عليه السفر‏"‏ أي أموره ومتاعبه وهو تعميم بعد تخصيص‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه النسائي وابن ماجة‏.‏

1947- باب مَا ذُكِرَ في دَعْوَةِ المُسَافِر

3577- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أخبرنا أَبُو عَاصِمٍ، أخبرنا الْحَجّاجُ الصّوّافُ عَن يَحْيى بنِ أَبي كَثِيرٍ عَن أَبي جَعْفرٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَاباتٌ‏:‏ دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ‏"‏‏.‏

3578- حدثنا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ حدثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ عَن هِشَامٍ الدّسْتَوَائِيّ عَن يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ بِهَذَا الإسْنَادِ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ ‏"‏مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكّ فِيهِنّ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏ وأَبُو جَعْفَرٍ الرازي هَذَا الّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بنُ أبي كَثِيرٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ المُؤَذّنُ‏.‏ وقد روى عن يحيى بن أبي كثير غير حديث وَلاَ نَعْرِفُ إسْمَهُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو عاصم‏)‏ إسمه الضحاك بن مخلد النبيل‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏دعوة المظلوم‏"‏ أي لمن يعينه وينصره أو يسليه ويهون عليه أو على من ظلمه بأي نوع من أنواع الظلم ‏"‏ودعوة المسافر‏"‏ يحتمل أن تكون دعوته لمن أحسن إليه وبالشر لمن آذاه وأساء إليه لأن دعاءه لا يخلو عن الرقة ‏"‏ودعوة الوالد على ولده‏"‏‏.‏ لم تذكر الوالدة لأن حقها أكثر فدعاؤها أولى بالإجابة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ بن مقسم المعروف بابن علية ‏(‏بهذا الإسناد نحوه وزاد فيه مستجابات لا شك فيهن‏)‏ أخرج الترمذي هذا الحديث بهذا السند في باب دعاء الوالدين في أوائل البر والصلة‏.‏

1948- باب ما جَاءَ مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ الناقة

3579- حدثنا قُتَيْبَةُ، حَدّثَنا أَبُو الأحْوَصِ عَن أبي إسْحاقَ عَن عَلِيّ بنِ رَبِيعَةَ قالَ‏:‏ ‏"‏شَهِدْتُ عَلِيّا أُتِيَ بِدَابّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرّكَابِ قالَ‏:‏ بِسْمِ الله ثلاثاً، فَلَمّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قالَ الْحَمْدُ لله‏.‏ ثُمّ قالَ‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا ومَا كُنّا لَهُ مُقْرِنينَ وَإنّا إلى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ‏}‏ ثُمّ قالَ‏:‏ الْحَمْدُ لله ثَلاَثاً والله أَكْبَرُ ثلاثاً سُبْحَانَكَ إنّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي فإِنّهُ لا يَغْفِرُ الذّنُوبَ إلاّ أَنْتَ ثُمّ ضَحِكَ‏.‏ فَقُلْتُ مِنْ أَيّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ‏؟‏ قالَ رأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ ثُمّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِنْ أيّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ الله‏؟‏ قالَ‏:‏ إِنّ رَبّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إذَا قَالَ رَبّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنّهُ لا يَغْفِرُ الذّنُوبَ غَيْرَكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عَن ابنِ عُمَر‏.‏ قال هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3580- حدثنا سُوَيْدُ بنُ نَصْرٍ، أخبرنا عَبْدُ الله بنُ المُبَارَكِ حدثنا حَمّادُ بنُ سَلَمَةَ عَن أَبي الزّبَيْرِ عَن عَلِيّ بنِ عَبْدِ الله البَارِقِيّ عَن ابنِ عُمَرَ‏:‏ ‏"‏أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذَا سَافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ كَبّرَ ثَلاَثاً وقالَ‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنّا إلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ‏}‏‏.‏ ثُمّ يَقُولُ‏:‏ اللّهُمّ إنّي أَسْألُكَ في سَفَرِي هَذَا مِنَ البِرّ وَالتّقْوَى وَمِنَ العَمَلِ مَا تَرْضَى، اللّهُمّ هَوّنْ عَلَيْنَا المَسِيرَ وَاطْوِ عَنّا بُعْدَ الأرْضِ، اللّهُمّ أَنْتَ الصّاحِبُ في السّفَرِ، والْخَلِيفَةُ في الأهْلِ، اللّهُمّ اصْحَبْنَا في سَفَرِنا واخْلُفْنَا في أَهْلِنَا‏.‏ وَكانَ يَقُولُ إِذَا رَجَعَ إلى أهْلِهِ آيْبُونَ إنْ شَاءَ الله تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبّنَا حَامِدُونَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوجه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو الأحوص‏)‏ إسمه سلام بن سلم الحنفي ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ السبيعي ‏(‏عن علي بن ربيعة‏)‏ الوالي الأسدي الكوفي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أتى‏)‏ بصيغة المجهول أي جيء ‏(‏فلما وضع رجله‏)‏ أي أراد وضع رجله ‏(‏فلما استوى على ظهرها‏)‏ أي استقر على ظهرها ‏(‏قال الحمد لله‏)‏ أي على نعمة الركوب وغيرها ‏(‏ثم قال‏)‏ أي قرأ ‏{‏وما كنا له مقرنين‏}‏ أي مطيقين من أقرن للأمر إذا أطاقه وقوى عليه‏.‏ أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا ‏{‏وإنا إلى ربنا لمنقلبون‏}‏ أي لصائرون إليه بعد مماتنا وإليه سيرنا الأكبر، وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الاَخرة كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروي في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏ وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وريشا ولباس التقوى ذلك خير‏}‏ ‏(‏ثم ضحك‏)‏ أي علي رضي الله عنه ‏(‏صنع كما صنعت‏)‏ أي كصنعي المذكور ‏(‏ثم ضحك‏)‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ليعجب‏"‏ بفتح الجيم ‏"‏من عباده إذا قال رب اغفر لي ذنوبي الخ‏"‏ قال الطيبي أن يرتضي هذا القول ويستحسنه استحسان المتعجب انتهى‏.‏ وقال الجزري في النهاية في معنى قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل‏"‏ أي عظم ذلك عنده وكبر لديه‏.‏ أعلم الله أنه إنما يتعجب الاَدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده وخفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده، وقيل معنى‏:‏ عجب ربك أي رضي وأثاب فسماه عجباً مجازاً وليس بعجب في الحقيقة، والأول الوجه واطلاق التعجب على الله مجاز لأنه لا تخفي على الله أسباب الأشياء والتعجب مما خفي سببه ولم يعلم انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن عمر‏)‏ أخرجه الترمذي بعد هذا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم في مستدركه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن علي بن عبد الله البارقي‏)‏ الأزدي‏.‏ قوله‏:‏ ‏{‏سبحان الذي سخر‏}‏ أي ذلل ‏{‏لنا هذا‏}‏ أي المركوب ‏{‏وإنا إلى ربنا لمنقلبون‏}‏ أي راجعون واللام للتأكيد‏.‏ وهذا الدعاء يسن عند ركوب أي دابة كانت لسفر أو غيره ‏"‏من البر‏"‏ أي الطاعة ‏"‏والتقوى‏"‏ أي عن المعصية أو المراد من البر الإحسان إلى الناس أو من الله إلينا ومن التقوى ارتكاب الأوامر واجتناب النواهي ‏"‏ومن العمل‏"‏ أي جنسه ‏"‏ما ترضى‏"‏ أي به عنا ‏(‏وكان يقول إذا رجع إلى أهله ‏"‏آئبون‏"‏‏)‏ أي نحن راجعون من السفر بالسلامة إلى الوطن، وفي رواية مسلم وأبي داود‏:‏ وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آئبون الخ ‏"‏إن شاء الله‏"‏ الظاهر أن هذه الكلمة ههنا للتبرك ‏"‏لربنا حامدون‏"‏ قال الطيبي‏:‏ لربنا يجوز أن يتعلق بقوله عابدون لأن عمل إسم الفاعل ضعيف فيقوى به أو بحامدون ليفيد التخصيص أي نحمد ربنا لا نحمد غيره‏.‏ وهذا أولى لأنه كالخاتمة للدعاء انتهى‏.‏ وفي هذا الحديث استجاب هذا الذكر عند ابتداء الأسفار كلها وقد جاءت فيه أذكار كثيرة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي‏.‏

1949- باب مَا يَقُول إذَا هاجَتْ الرّيح

من هاج الشيء يهيج هيجاً وهياجاً وهيجاناً‏.‏ إذا ثار والمعنى إذا اشتد هبوبها‏.‏

3581- حدثنا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنِ الأسْوَدِ أَبُو عَمْرٍو البَصْرِيّ، أخبرنا مُحمّدُ بنُ رَبِيعَةَ عَن ابنِ جُرَيْجٍ عَن عَطَاءٍ عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ‏:‏ ‏"‏كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الرّيحَ قالَ‏:‏ اللّهُمّ إني أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ ما أُرْسِلَتْ بِهِ وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّهَا وشَرّ ما فِيهَا وَشَرّ ما أُرْسِلَتْ بِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عَن أُبيّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه‏.‏ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا محمد بن ربيعة‏)‏ الكلابي‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏أللهم إني أسألك من خيرها‏"‏ وفي رواية مسلم خيرها بغير من أي أسألك خير ذاتها ‏"‏وخير ما فيها‏"‏ أي من منافعها ‏"‏وخير ما أرسلت به‏"‏ أي بخصوصها في وقتها وهو بصيغة المفعول ويجوز أن يكون بصيغة الفاعل‏.‏ قال الطيبي‏:‏ يحتمل الفتح على الخطاب وشر ما أرسلت على بناء المفعول ليكون من قيل‏:‏ أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الخير كله بيدك والشر ليس إليك‏"‏ انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي بن كعب‏)‏ أخرجه الترمذي في باب النهي عن سب الرياح من أبواب الفتن‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏وهذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه مسلم مطولاً‏.‏

1950- باب مَا يَقُولُ إِذَا سمِعَ الرّعْد

3582- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ عَنْ حَجّاجِ بنِ أَرْطَاةَ عَن أَبي مَطَرٍ عَن سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عَن أبِيهِ‏:‏ ‏"‏أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرّعْدِ والصّوَاعِق قالَ‏:‏ اللّهُمّ لا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الواحد بن زياد‏)‏ العبدي البصري ‏(‏عن أبي مطر‏)‏ قال في التقريب‏:‏ أبو مطر شيخ الحجاج بن أرطاة مجهول من السادسة، وفي تهذيب التهذيب في ترجمته ذكره ابن حبان في الثقات‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كان إذا سمع صوت الرعد‏)‏ بإضافة العام إلى الخاص للبيان، فالرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب‏.‏ كذا قال ابن الملك، والصحيح أن الرعد ملك مؤكل بالسحاب، وقد نقل الشافعي عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق السحاب بها ثم قال وما أشبه ما قاله بظاهر القرآن‏.‏ قال بعضهم وعليه فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه، ونقل البغوي عن أكثر المفسرين أن الرعد ملك يسوق السحاب والمسموع تسبيحه ‏"‏والصواعق‏"‏ قال القاري بالنصب فيكون التقدير وأحسن الصواعق من باب‏:‏ علفتها تبناً وماءاً بارداً، أو أطلق السمع وأريد به الحسن من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، وفي نسخة يعني من المشكاة بالجر عطفاً على الرعد وهو إنما يصح على بعض الأقوال في تفسير الصاعقة‏.‏ قال بعضهم قيل هي نار تسقط من السماء في رعد شديد فعلى هذا لا يصح عطفه على شيء مما قبله، وقيل الصاعقة صيحة العذاب أيضاً وتطلق على صوت شديد غاية الشدة يسمع من الرعد وعلى هذا يصح عطفه على صوت الرعد أي صوت السحاب، فالمراد بالرعد السحاب بالقرينة إضافة الصوت إليه أو الرعد صوت السحاب ففيه تجريد‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ هي قعقعة رعد ينقض معها قطعة من نار يقال صعقته الصاعقة إذا أهلكته فصعق أي مات إما لشدة الصوت وإما بالإحراق انتهى ‏"‏لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك‏"‏ قال القاري‏:‏ الغضب استعارة والمشبه به الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله وغليان دمه ثم الانتقام من المغضوب عليه وأكبر ما ينتقم به القتل فلذلك ذكره ورشح الاستعارة به عرفا وأما الإهلاك والعذاب فجاريان على الحقيقة في حق الله تعالى انتهى‏.‏

قلت‏:‏ لا حاجة إلى تأويل الغضب بما ذكره القاري بل هو محمول على ظاهره كما تقدم مراراً في شرح أحاديث الصفات ‏"‏وعافنا‏"‏ أي أمتنا بالعافية ‏"‏قبل ذلك‏"‏ أي قبل نزول عذابك‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي في اليوم والليلة والحاكم في مستدركه‏.‏

1951- باب مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلاَل

3583- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا أبُو عامِرٍ العَقَدِيّ، حدثنا سُلَيْمَانُ بنُ سُفْيَانَ المَدَنِيّ حدّثَنِي بِلاَلُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله عَن أَبِيهِ عَن جَدّه طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله‏:‏ ‏"‏أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا رَأَى الْهِلاَلَ قالَ‏:‏ اللّهُمّ أَهْلِهُ عَلَيْنَا بالْيُمْنِ وَإِلايمَانِ والسّلاَمَةِ وَالإسْلاَمِ‏.‏ رَبّي ورَبّكَ الله‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏ ف

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثني بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله‏)‏ التيمي المدني لين من السابعة ‏(‏عن أبيه‏)‏ أي يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني ثقة من الثالثة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كان إذا رأى الهلال‏)‏ وهو يكون من الليلة الأولى والثانية والثالثة ثم هو قمر ‏"‏أللهم أهلله‏"‏ب 1 بصيغة الأمر من الإهلال قال الطيبي يروي مدغماً ومفكوكاً أي أطلعه ‏"‏علينا‏"‏ب 1 مقترناً ‏"‏باليمن‏"‏ أي البركة وفي بعض النسخ بالأمن ‏"‏والإيمان‏"‏ أي بدوامه ‏"‏والسلامة‏"‏ أي عن كل مضرة وسوء ‏"‏والإسلام‏"‏ أي دوامه‏.‏ قال القاري قال بعض المحققين من علمائنا‏:‏ الإهلال في الأصل رفع الصوت نقل منه إلى رؤية الهلال لأن الناس يرفعون أصواتهم إذا رأوه بالإخبار عنه ولذلك سمي الهلال هلالاً نقل منه إلى طلوعه لأنه سبب لرؤيته ومنه إلى إطلاعه‏.‏ وفي الحديث بهذا المعنى‏:‏ أي أطلعه علينا وأرنا إياه مقترناً بالأمن والإيمان أي باطناً والسلامة والإسلام أي ظاهراً، ونبه بذكر الأمن والسلامة على طلب دفع كل مضرة وبالإيمان والإسلام على جلب كل منفعة على أبلغ وجه وأوجز عبارة انتهى ‏"‏ربي وربك الله‏"‏ خطاب للهلال على طريق الالتفات‏.‏ ولما توسل به لطلب الأمن والإيمان دل على عظم شأن الهلال فقال ملتفتاً إليه ربي وربك الله تنزيها للخالق أن يشارك في تدبير ما خلق ورد الأقاويل داحضة في الآثار العلوية‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والدارمي والحاكم وابن حبان وزاد‏:‏ والتوفيق لما تحب وترضى‏.‏

1952- باب ما يَقُولُ عِنْدَ الغَضَب

3584- حدثنا محْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا قَبِيصَةُ، حدثنا سُفْيَانُ عَن عَبْدِ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أَبي لَيْلَى عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ قالَ‏:‏ ‏"‏اسْتَبّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم حَتّى عُرِفَ الغَضَبُ في وجْهِ أَحَدِهِمَا فقالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ غَضَبُهُ أعُوذُ بالله مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ‏"‏‏.‏

3585- حدثنا محمد بن بشّار أخبرنا عبد الرحمن عن سفيان بهذا الإسناد نحوه‏:‏ قال وفي الباب عن سليمان بن صُرَد‏.‏ وَهَذا حديثٌ مُرْسَلٌ‏.‏ عَبْدُ الرّحمَنِ بنُ أَبي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، ماتَ مُعَاذٌ في خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ وقُتِلَ عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ وَعبْدُ الرّحمَنِ بنِ أبي لَيْلَى غُلاَمٌ ابنُ سِتّ سِنِينَ‏.‏ وهَكَذَا رَوَى شُعْبَةُ عَن الْحَكَمِ عَن عَبْدِ الرّحمَنِ بنِ أَبي لَيْلَى‏.‏ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرّحمَنِ بنِ أبي لَيْلَى عَن عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ وَرَآهُ‏.‏ وَعبْدُالرّحمَنِ بنِ أبي لَيْلَى يُكنّى أَبَا عِيسَى‏.‏ وَأَبُو ليلى اسْمُهُ يَسَارٌ وَرَوَى عَن عَبْدِ الرّحمَنِ بنِ أبي لَيْلَى قَالَ أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ ومائَةً مِنَ أَصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏استب رجلان‏)‏ أي سب أحدهما الاَخر ‏(‏حتى عرف‏)‏ بصيغة المجهول ‏(‏الغضب في وجه أحدهما‏)‏ وفي رواية أبي داود فغضب أحدهما غضباً شديداً حتى خيل إلى أن أنفه يتمزع من شدة غضبه ‏"‏أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‏"‏ بدل من كلمة، وفي الحديث‏:‏ أنه ينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأنه سبب لزوال الغضب، وحديث معاذ بن جبل هذا أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن سليمان بن صرد‏)‏ أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا عبد الرحمن‏)‏ بن مهدي ‏(‏وهذا حديث مرسل‏)‏ أي منقطع وبين وجه الإنقطاع بقوله عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع الخ ‏(‏وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام ابن ست سنين‏)‏ الواو للحال قال المنذري في الترغيب بعد نقل كلام الترمذي من قوله هذا حديث مرسل إلى هنا ما لفظه‏:‏ والذي قاله الترمذي واضح فإن البخاري ذكر ما يدل على أن مولد عبد الرحمن بن أبي ليلى سنة سبع عشرة وذكر غير واحد أن معاذ بن جبل توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وقيل سنة سبع عشرة، وقد روى النسائي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب وهذا متصل انتهى ‏(‏هكذا روى شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى‏)‏ قال ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل‏:‏ حدثنا علي بن الحسن حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا النضر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال‏:‏ ولدت لست يقين من خلافة عمر ‏(‏وقد روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب‏)‏ أي غير هذا الحديث ‏(‏ورآه‏)‏‏.‏ وقال الدوري عن ابن معين لم يره، وقال الخليلي في الإرشاد‏:‏ الحفاظ لا يثبتون سماعه من عمر كذا في تهذيب التهذيب‏.‏

1953- باب مَا يَقُولُ إذَا رَأَى رؤْيَا يَكْرَهُهَا

3586- حدثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حدثنا بَكْرُ بنُ مُضَرَ عَن ابن الهَادِ عَن عَبْدِ الله بنِ خَبّابٍ عَن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ أنّهُ سَمِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ‏:‏ ‏"‏إذَا رَأَى أحَدُكُمْ الرّؤْيَا يُحِبّهَا فإِنّمَا هِيَ مِنَ الله فَلْيَحْمَدِ الله عَلَيْهَا ولْيُحَدّثْ بِمَا رَأى، وَإذَا رَأى غَيْرَ ذَلِكَ مِمّا يَكْرَهُ فإِنّمَا هِيَ من الشّيْطَانِ فَلْيَسْتعِذْ بالله مِنْ شَرّهَا وَلاَ يَذْكُرْهَا لأِحَدٍ فإِنّهَا لاَ تَضُرّهُ‏"‏ قال وفي البابِ عَن أَبي قَتَادَةَ‏.‏ قال‏:‏ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏ وَابنُ الْهَادِ اسْمُهُ يَزِيدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ أُسَامَةَ بنِ الْهَادِ المَدَنيّ وهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيث رَوَى عَنْهُ مالِكُ والنّاسُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا بكر بن مضر‏)‏ المصري ‏(‏عن عبد الله بن خباب‏)‏ بفتح معجمة وشدة موحدة أولى الأنصاري البخاري مولاهم المدني ثقة من الثالثة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏يحبها‏"‏ حال من الرؤيا ‏"‏فإنما هي‏"‏ الرؤيا المحبوبة ‏"‏من الله‏"‏ إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف ‏"‏فليحمد الله وليحدث بما رأى‏"‏ وفي حديث أبي سلمة عن أبي قتادة عند الشيخين فلا يحدث به إلا من يحب‏.‏ قال الحافظ الحكمة فيه أنه إذا حدث بالرؤيا الحسنة من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب إما بغضاً وإما حسداً فقد تقع على تلك الصفة أو يتعجل لنفسه من ذلك حزناً ونكداً فأمر بترك تحديث من لا يحب بسبب ذلك انتهى‏.‏ قلت‏:‏ قد تقدم في باب تعبير الرؤيا حديث أبي رزين العقيلي وفيه‏:‏ لا تحدث بها إلا لبيباً أو حبيباً، وحديث أبي هريرة وفيه لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح، فينبغي أن يحمل أبي سعيد المطلق على هذه الأحاديث المقيدة‏.‏ قيل لأن العالم يأولها على الخير مهما أمكنه والناصح يرشد إلى ما ينفع واللبيب العارف بتأويلها والحبيب إن عرف خيراً قاله وإن جهل أو شك سكت ‏"‏فإنما هي من الشيطان‏"‏ أضيفت إليه لكونها على هواه ومراده، وقيل لأنه الذي يخيل بها ولا حقيقة لها في نفس الأمر ‏"‏فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره‏"‏ حاصل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء أن يحمد الله عليها، وأن يستبشر بها، وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره‏.‏ وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة ستة أشياء‏:‏ أن يتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان‏.‏ وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثاً، ولا يذكرها لأحد أصلاً، وأن يصلي‏.‏ وأن يتحول عن جنبه الذي كان عليه‏.‏ وقد تقدم بقية الكلام في هذا في باب إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي قتادة‏)‏ أخرج حديثه الترمذي في الباب المذكور‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن غريب صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري والنسائي‏.‏

1954- باب ما يَقُولُ إذَا رَأى البَاكُورَةَ مِنَ الثّمَر

الباكورة أول ما يدرك من الفاكهة

3587- حدثنا الأَنْصَارِيّ، حدثنا مَعْنٌ، حدثنا مالِكٌ عَن سُهَيْلِ بنِ أبي صَالِحٍ عَن أبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ‏:‏ ‏"‏كَانَ النّاسُ إذَا رَأَوْا أوّلَ الثّمَرِ جَاؤوا بِهِ إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فإِذَا أخَذَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ اللّهُمّ بَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا، وَبَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا، وبَارِكَ لَنَا في صَاعِنَا ومُدّنَا، اللّهُمّ إِنّ إِبْرَاهيمَ عَبْدُكَ وخَلِيلُكَ‏.‏ وَنَبِيّكَ وإِنّي عَبْدُكَ وَنَبِيّكَ وإنّهُ دَعَاكَ لِمَكّةَ وأنَا أدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَةَ‏.‏ ومِثْلهُ مَعَهُ‏.‏ قالَ ثُمّ يَدْعُو أصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثّمَرَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏إذا رأوا أول الثمر‏)‏ وهو الذي يسمى الباكورة ‏(‏جاؤوا به‏)‏ أي بأول الثمر ‏(‏إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال العلماء كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه صلى الله عليه وسلم في الثمر والمدينة والصاع والمد وإعلاماً له صلى الله عليه وسلم بابتداء صلاحها لما يتعلق بها من الزكاة وغيرها وتوجيه الخارصين ‏"‏وبارك لنا في مدينتنا‏"‏ أي في ذاتها من جهة سعتها ووسعة أهلها وقد استجاب الله دعاءه عليه الصلاة والسلام بأن وسع نفس المسجد وما حوله من المدينة وكثر الخلق فيها حتى عد من الفرس المعد للقتال المهيأ بها في زمن عمر أربعون ألف فرس‏.‏ والحاصل أن المراد بالبركة هنا ما يشمل الدنيوية والأخروية والحسية ‏"‏وبارك لنا في صاعنا ومدنا‏"‏ قال القاضي‏:‏ البركة هنا بمعنى النماء والزيادة وتكون بمعنى الثبات واللزوم، قال فقيل يحتمل أن يكون هذه البركة دينية وهي ما تتعلق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزكاة والكفارة فتكون بمعنى الثبات والبقاء لها كبقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها، ويحتمل أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدرة بهذه الأكيال حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة، أو ترجع البركة إلى التصرف بها في التجارة وأرباحها وإلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها أو تكون الزيادة فيما يكال بها لإتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه لما فتح الله عليهم ووسع من فضله لهم وملكهم من بلاد الخصب والريف بالشام والعراق ومصر وغيرها حتى كثر الحمل إلى المدينة وإتسع عيشهم حتى صارت هذه البركة في الكيل نفسه فزاد مدهم وصار هاشمياً مثل مد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو مرة ونصفاً، وفي هذا كله إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم وقبولها انتهى كلام القاضي‏.‏ قال النووي‏:‏ والظاهر من هذا كله أن المراد البركة في نفس المكيل في المدينة بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها انتهى ‏"‏وإنه دعا لمكة‏"‏ أي بقوله‏:‏ ‏{‏فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون‏}‏ ‏"‏بمثل ما دعاك به لمكة ومثله‏"‏ أي يمثل ذلك المثل ‏"‏معه‏"‏ والمعنى بضعف ما دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ‏(‏قال‏)‏ أي أبو هريرة ‏(‏ثم يدعو‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏أصغر وليد‏)‏ أي مولود ‏(‏يراه‏)‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ثم يعطيه أصغر من أن يحضره من الولدان، وفي أخرى له ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر‏.‏ قال القاري‏:‏ التحقيق أن الروايتين يعني الرواية المطلقة والمقيدة وحمولتان على الحالتين، والمعنى أنه إذا كان عنده أو قريباً منه وليد له أعطاه أو وليد آخر من غير أهله أعطاه إذ لا شك أنهما لو اجتمعا لشارك بينهما نعم إذا لم يكن أحد حاضراً عنده فلا شبهة أنه ينادي أحداً من أولاد أهله لأنه أحق ببره من غيره انتهى ‏(‏فيعطيه ذلك الثمر‏)‏ فيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق وكمال الشفقة والرحمة وملاطفة الكبار والصغار وخص بهذا الصغير لكونه أرغب فيه وأكثر تطلعاً إليه وحرصاً عليه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم وابن ماجة‏.‏

1955- باب مَا يَقُول إذَا أكَلَ طَعَاما

3588- حدثنا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ، حدثنا إِسْمَاعيلُ بنُ إِبْرَاهيمَ، حدثنا عَلِيّ بنُ زَيْدٍ عَن عُمَرَ‏.‏ وهُوَ ابنُ أبي حَرْمَلَةَ عَن ابنِ عَبّاسٍ قالَ‏:‏ ‏"‏دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنا وَخَالِدُ بنُ الوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ فَجَاءَتْنَا بإِنَاءٍ في لَبَن فَشَرِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنَا عَنْ يَمِينِهِ وخَالِدٌ عَلى شِمَالِهِ فقالَ‏:‏ لِي الشّرْبَةُ لَكَ فإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِداً فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أُوْثِرُ عَلَى سُؤْرِكَ أَحَداً‏.‏ ثُمّ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْ أَطْعَمه الله طعاماً فليقل اللهمّ بَارِك فيه وأَطْعِمْنَا خَيْراً مِنْهُ‏.‏ وَمَنْ سَقَاهُ الله لَبَناً فَلْيَقُلْ‏:‏ اللّهُمّ بارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ‏.‏ وَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لَيْسَ شَيْءٌ يجزئ مَكانَ الطّعَامِ وَالشّرَابِ غَيْرَ اللّبَنِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَن عَلِيّ بنِ زَيْدٍ فقالَ عَن عُمرَ بنِ حَرْمَلَةَ وَقالَ بَعْضُهُمْ عَمْرُو بنِ حَرْمَلَةَ وَلا يَصِحّ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ هو المعروف بابن علية ‏(‏حدثنا علي ابن زيد‏)‏ هو ابن جدعان‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏الشربة لك‏"‏ أي أنت مستحق لها لأنك على جهة يميني ‏"‏فإن شئت آثرت بها خالداً‏"‏ أي أخترت بالشربة على نفسك خالداً ‏"‏على سؤرك‏"‏ السؤر بضم السين وسكون الهمزة البقية والفضلة والمعنى ما كنت لأختار على نفسي بفضل منك أحداً ‏"‏من أطعمة الله‏"‏ وفي رواية أبي داود‏:‏ إذا أكل أحدكم قال المناوي أي أراد أن يأكل ‏"‏طعاماً‏"‏ أي غير لبن ‏"‏بارك لنا فيه‏"‏ من البركة وهي زيادة الخير ونموه ودوامه ‏"‏وأطعمنا خيراً منه‏"‏ من طعام الجنة أو أعم ‏(‏وزدنا منه‏)‏ ولا يقول خيراً منه لأنه ليس في الأطعمة خير منه ‏"‏ليس شيء يجزئ‏"‏ بضم الياء وكسر الزاي بعدها همز أي يكفي في دفع الجوع والعطش معاً ‏"‏مكان الطعام والشراب‏"‏ أي مكان جنس المأكول والمشروب وبدلهما ‏"‏غير اللبن‏"‏ بالرفع على أنه بدل من الضمير في يجزئ‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان ‏(‏وقد روى بعضهم هذا الحديث عن علي بن زيد فقال عن عمر بن حرملة الخ‏)‏ قال الحافظ في تهذيب التهذيب‏:‏ عمر بن حرملة ويقال ابن أبي حرملة ويقال عمرو البصري روى عن ابن عباس حديث الضب يعني حديث الباب ففي أوله عند أبي داود فجاءوا بضبين مشويين على ثمامتين فتبزق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خالد أخالك تقذره يا رسول الله فقال ‏"‏أجل‏"‏ ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن الحديث‏.‏ وعنه علي بن زيد بن جدعان وقال أبو زرعة لا أعرفه إلإ في هذا الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، قال وصحح أنه عمر بضم العين وتبع في ذلك البخاري انتهى‏.‏

1956- باب ما يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطّعَام

قال ابن بطال اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام ووردت في ذلك أنواع يعني لا يتعين شيء منها‏.‏

3589- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أخبرنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، أخبرنا الثوري بنُ يَزِيدَ، حدثنا خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ عَن أَبي أُمَامَةَ قالَ‏:‏ ‏"‏كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا رُفِعَتِ المَائِدَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَقُولُ‏:‏ الْحَمْدُ لله حَمْدا كَثِيراً طَيّباً مُبَارَكاً فِيهِ غَيْرَ مُوَدّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنَى عَنْهُ رَبّنَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3590- حدثنا أبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ، حدثنا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ وَأبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَن حَجّاجِ بنِ أَرْطَاةَ عَن رِياحِ بنِ عُبَيْدَةَ قالَ حَفْصٌ عَن ابنِ أخِيّ سَعِيدٍ وَقالَ أَبُو خَالِدٍ عَن مَوْلَى لأَبي سَعِيدٍ عَن أبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ‏:‏ الْحَمدُ لله الذِي أطْعَمَنَا وَسَقَانا وَجَعَلَنَا مُسْلمِينَ‏"‏‏.‏

3591- حدثنا مُحمّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، حدثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ الْمُقرِيءُ حدّثنا سَعيدُ بنُ أَبي أَيّوبَ حدّثِني أبُو مَرْحُومٍ عَن سَهْلِ بنِ مُعَاذ بنِ أَنَسٍ عَن أبيهِ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ أكَلَ طَعاماً فقالَ الْحَمدُ لله الّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنّي ولاَ قُوّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وأبُو مَرْحُوم اسْمُهُ عَبْدُ الرحيم بنُ مَيْمُونٍ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا يحيى بن سعيد‏)‏ القطان ‏(‏أخبرنا ثور بن يزيد‏)‏ أبو خالد الحمصي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏إذا رفعت المائدة من بين يديه‏)‏ قد تقدم في الأطعمة من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط‏.‏ وهنا يقول إذا رفعت مائدته وقد فسروا المائدة بأنها خوان عليه طعام، فأجاب بعضهم عن هذا بأن أنساً ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت مقدم على النافي، أو المراد بالخوان صفة مخصوصة والمائدة تطلق على كل ما يوضع عليه الطعام لأنها مشتقة من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم ولا يختص ذلك بصفة مخصوصة، وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام أو بقيته أو إناؤه، وقد نقل عن البخاري أنه قال‏:‏ إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة ‏"‏حمداً‏"‏ مفعول مطلق للحمد إما باعتبار ذاته أو باعتبار تضمنه معنى الفعل أو لفعل مقدر ‏"‏طيباً‏"‏ أي خالصاً من الرياء والسمعة ‏"‏مباركاً‏"‏ هو وما قبله صفات لحمداً ‏"‏فيه‏"‏ الضمير راجع إلى الحمد أي حمداً ذا بركة دائماً لا ينقطع لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضاً ولو نية واعتقاداً ‏"‏غير مودع‏"‏ بنصب غير على أنه حال من الحمد ومودع إسم مفعول من التوديع أي غير متروك أو من الطعام يعني لا يكون آخر طعامنا أو من الله تعالى أي غير متروك الطلب منه والرغبة إليه، ويجوز رفع غير على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو غير مودع ‏"‏ولا مستغنى عنه‏"‏ أي هو محتاج إليه غير مستغني عنه، وفي رواية البخاري غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه‏.‏

قال الحافظ‏:‏ قوله غير مكفي بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية‏.‏ قال ابن بطال يحتمل أن يكون من كفأت الإناء فالمعنى غير مردود عليه إنعامه، ويحتمل أن يكون من الكفاية أي أن الله غير مكفي رزق عباده لأنه لا يكفيهم أحد غيره‏.‏ وقال ابن التين أي غير محتاج إلى أحد لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم، وهذا قول الخطابي‏.‏ وقال القزاز معناه أنه غير مكتف بنفسي عن كفايته‏.‏ وقال الداودي معناه لم أكتف من فضل الله ونعمته‏.‏ قال ابن التين‏:‏ وقول الخطابي أولى لأن مفعولاً بمعنى مفتعل فيه بعد وخروج عن الظاهر وهذا كله على أن الضمير لله ويحتمل أن يكون الضمير للحمد‏.‏ وقال إبراهيم الحربي الضمير للطعام ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب غير أنه لا يكفي الإناء للاستغناء عنه انتهى ‏"‏ربنا‏"‏ روى بالرفع والنصب والجر، فالرفع على تقدير هو ربنا أو أنت ربنا إسمع حمدنا ودعاءنا أو على أنه مبتدأ وخبره غير بالرفع مقدم عليه، والنصب على أنه منادي حذف منه حرف النداء أو على المدح أو الاختصاص أو إضماراً عني، والجر على أنه بدل من الله وقيل على أنه بدل من الضمير في عنه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن رياح‏)‏ بكسر أوله ثم تحتانية ‏(‏بن عبيدة‏)‏ بفتح العين المهملة وكسر الموحدة السلمي الكوفي ثقة من الرابعة ‏(‏قال حفص عن ابن أخي أبي سعيد وقال أبو خالد عن مولى لأبي سعيد عن أبي سعيد‏)‏ قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة رياح بن عبيدة‏:‏ روى عن أبي سعيد الخدري وقيل عن ابن أخي أبي سعيد وقيل عن مولى لأبي سعيد وقيل عن عبد الرحمن بن أبي سعيد في القول عند الفراغ من الطعام انتهى‏.‏ ولم أقف على ترجمة ابن أخي أبي سعيد ولا مولى لأبي سعيد‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا الخ‏"‏ فائدة الحمد بعد الطعام أداء شكر المنعم وطلب زيادة النعمة لقوله تعالى ‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ وفيه استحباب تجديد حمد الله عند تجدد النعمة من حصول ما كان الإنسان يتوقع حصوله واندفاع ما كان يخاف وقوعه، ثم لما كان الباعث هنا هو الطعام ذكره أولاً لزيادة الإهتمام به وكان السقي من تتمته لكونه مقارناً له في التحقيق غالباً ثم استطرد من ذكر النعمة الظاهرة إلى النعم الباطنة فذكر ما هو أشرفها وختم به لأن المدار على حسن الخاتمة مع ما فيه من الإشارة إلى كمال الانقياد في الأكل والشرب وغيرهما قدراً ووصفاً ووقتاً احتياجاً واستغناء بحسب ما قدره وقضاه‏.‏ وحديث أبي سعيد هذا أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وذكره البخاري في تاريخه الكبير وساق اختلاف الرواة فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محد بن إسماعيل‏)‏ هو الإمام البخاري ‏(‏حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ‏)‏ أبو عبد الرحمن المكي ‏(‏حدثنا سعيد بن أبي أيوب‏)‏ الخزاعي‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏الحمد لله الذي أطعمني هذا‏"‏ أي هذا الطعام ‏"‏ورزقنيه من غير حول مني‏"‏ أي من غير حركة وحيلة مني‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وابن ماجة‏.‏

1957- باب مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ نَهِيقَ الحِمَار

3592- حدثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، أخبرنا اللّيْثُ عَن جَعْفَرِ بنِ رَبِيعَةَ عَن الأَعْرَجِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدّيكَةِ فاسْألُوا الله مِنْ فَضْلِهِ فإِنّهَا رَأَتْ مَلَكاً، وَإذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوّذُوا بالله مِنَ الشّيْطَانِ الرّجيم فإِنّهُ رَأى شَيْطَاناً‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا الليث‏)‏ بن سعد ‏(‏عن جعفر بن ربيعة‏)‏ بن شرحبيل بن حسنة الكندي أبي شرحبيل المصري ثقة من الخامسة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إذا سمعتم صياح الديكة‏"‏ بكسر الدال المهملة وفتح التحتانية جمع ديك وهو ذكر الدجاج وللديك خصيصته ليست لغيره من معرفته الوقت الليلي فإنه يقسط أصواته فيها تقسيطاً لا يكاد يتفاوت ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده لا يكاد يخطئ سواء طال الليل أم قصر ‏"‏فاسألوا‏"‏ بالهمزة ونقله ‏"‏فإنها رأت ملكاً‏"‏ بفتح اللام‏.‏ قال عياض كأن السبب فيه جاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص والتضرع‏.‏ وصحح ابن حبان وأخرجه أحمد وأبو داود من حديث زيد بن خالد رفعه‏:‏ ‏"‏لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة‏"‏‏.‏ وعند البزار من هذا الوجه سبب قوله صلى الله عليه وسلم ذلك وأن ديكا صرخ فلعنه رجل فقال ذلك‏.‏ قال الحليمي يؤخذ منه أن كل من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يسب ولا أن يستهان به بل يكرم ويحسن إليه‏.‏ قال‏:‏ وليس معنى قوله فإنه يدعو إلى الصلاة أن يقول بصوته حقيقة صلوا أو حانت الصلاة بل معناه أن العادة جرت بأنه يصرخ عند طلوع الفجر فطرة فطره الله عليها ‏"‏وإذا سمعتم نهيق الحمار‏"‏ أي صوته المنكر، وزاد أبو داود والنسائي والحاكم من حديث جابر‏:‏ ‏"‏ونباح الكلاب‏"‏ ‏"‏فتعوذوا بالله من الشيطان‏"‏ أي اعتصموا به منه بأن يقول أحدكم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو نحو ذلك من صيغ التعوذ ‏"‏فإنه‏"‏ أي الحمار ‏"‏رأى شيطاناً‏"‏ روى الطبراني من حديث أبي رافع رفعه‏:‏ ‏"‏لا ينهق الحمار حتى يرى شيطاناً أو يتمثل له شيطان‏.‏ فإذا كان ذلك فاذكروا الله وصلوا علي‏"‏‏.‏ قال عياض وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان وشر وسوسته فيلجأ إلى الله في ذلك‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والبخاري في أواخر بدء الخلق ومسلم في الدعوات وأبو داود في الأدب والنسائي في التفسير وفي اليوم والليلة‏.‏

1958- باب ما جَاءَ في فَضْلِ التّسبِيحِ وَالتّكْبِيرِ وَالتّهْلِيلِ والتّحْمِيد

3593- حدثنا عَبْدُ الله بنُ أبي زِيَادٍ الكوفي، حدثنا عَبْدُ الله بنُ أبي بكْرٍ السّهْمِيّ عَن حَاتِمِ بنِ أبي صَغِيرَةَ عَن أبي بَلْجٍ عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ عَن عبْدِ الله بنِ عَمْرو قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إِلاّ بالله إِلاّ كُفّرَتْ عَنْهُ خَطَاياهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏ وَرَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَن أَبي بَلْجٍ بِهَذَا الإسْنَادِ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ‏.‏ وأَبُو بَلْجٍ اسْمُهُ يَحْيَى بنُ أَبي سُلَيْمٍ وَيُقَالُ أيضاً يحيى بنُ سُلَيْمٍ‏.‏

3594- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا ابنُ أبي عَدِيّ عَن حَاتِمِ بنِ أَبي صَغِيرةَ عَن أَبي بَلْجٍ عَن عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ عَن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو عنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وحاتم يكنى أبا يونس القشيري‏.‏

3595- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حَدّثنَا مُحمّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَن شُعْبَةَ عَن أَبي بَلْجٍ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعَهُ‏.‏

3596- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا مَرْحُومُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ العَطّارُ حدثنا أبُو نَعَامَةَ السّعْدِيّ عَن أبي عُثْمَانَ النّهْدِيّ عَن أبي مُوسَى الأَشْعَرِيّ قال‏:‏ ‏"‏كُنّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ فَلَمّا قَفَلْنَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ فَكَبّرَ النّاسُ تَكْبَيرَةً وَرفَعُوا بهَا أصْوَاتَهُمْ فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إِنّ رَبّكُمْ لَيْسَ بأَصَمّ ولاَ غَائِبٍ هُوَ بَيْنكُمْ وَبَيْنَ رُؤُوسِ رِحَالِكُمْ، ثُمّ قالَ يا عَبْدَ الله بنَ قَيْسٍ أَلاَ أُعَلّمُكَ كَنْزاً مِنْ كُنُوزِ الْجَنّةِ لا حَوْلَ وَلا قُوّةَ إِلاّ بالله‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وَأَبُو عُثْمَانَ النّهْدِيّ اسْمُهُ عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ مل‏.‏ وَأَبُو نَعَامَةَ اسْمُهُ عَمْرُو بنُ عِيسَى‏.‏ وَمَعْنَى قوله‏:‏ ‏"‏بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رُؤُوسِ رحالكم‏"‏ إنّمَا يَعْنِي عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن أبي زياد‏)‏ القطواني الكوفي ‏(‏عن حاتم بن أبي صغيرة‏)‏ بفتح الصاد المهملة وكسر الغين المعجمة ‏(‏عن أبي بلج‏)‏ بفتح أو وسكون اللام بعدها جيم ‏(‏عن عمرو بن ميمون‏)‏ الأودي‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إلا كفرت‏"‏ من التكفير أي محيت وأزيلت ‏"‏ولو كانت مثل زبد البحر‏"‏ بفتح الزاي والموحدة هو ما يعلو الماء ونحوه من الرغوة والمراد به الكناية عن المبالغة في الكثرة، وفي رواية أحمد‏:‏ ولو كانت أكثر من زبد البحر‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والنسائي وابن أبي الدنيا والحاكم ‏(‏وأبو بلج إسمه يحيى بن أبي سليم ويقال ابن سليم أيضاً‏)‏ يأتي ترجمته في مناقب علي، ووقع هنا في بعض النسخ وحاتم يكنى أبا يونس القشيري قال الحافظ في تهذيب التهذيب‏:‏ حاتم ابن أبي صغيرة وهو ابن مسلم أبو يونس القشيري وقيل الباهلي مولاهم البصري وأبو صغيرة أبو أمه وقيل زوج أمه، وقال ابن معين وأبو حاتم والنسائي ثقة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة‏)‏ هذه الغزوة هي غزوة خيبر كما صرح به الحافظ في الفتح في كتاب القدر ‏(‏فلما قفلنا‏)‏ أي رجعنا ‏(‏أشرفنا‏)‏ أي أطلعنا من قولهم أشرفت عليه إذا أطلعت عليه ‏"‏إن ربكم ليس بأصم ولا غائب‏"‏ بل هو سميع بصير قريب فلا حاجة إلى رفع الصوت بالتكبير ‏"‏هو بينكم وبين رؤوس رحالكم‏"‏ بكسر الراء جمع رحل بالفتح وهو ما يجعل على ظهر البعير كالسرج‏.‏ وقال في المجمع هو ما يوضع على البعير ثم بعير به عن البعير انتهى‏.‏ والظاهر أن المراد بالرحال هنا الرواحل، وفي رواية لمسلم والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم‏.‏ قال النووي أي بالعلم والإحاطة فهو يجاز كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏}‏ ‏"‏ألا أعلمك كنزاً من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله‏"‏ قال النووي قال العلماء سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره وأن العبد لا يملك شيئاً في الأمر‏.‏ ومعنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أنفس أموالكم‏.‏ قال أهل اللغة الحول الحركة والحيلة أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل معناه لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه وكله مقارب انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة ومعنى قوله‏:‏ ‏"‏هو بينكم وبين رؤوس رواحلكم‏"‏ إنما يعني علمه وقدرته وكذلك يأولون قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏}‏ أي نحن أقرب إليه بالعلم من حبل وريده لا يخفى علينا شيء من خفياته فكأن ذاته قريبة منه‏.‏ وحاصله أنه تجوز بقرب الذات عن قرب العلم‏.‏ ونقل الذهبي في كتاب العلو ص 441 عن الإمام أبي الحسن الأشعري أنه قال إن الله يقرب من خلقه كيف شاء كما قال‏:‏ ‏{‏ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏}‏‏.‏

1959- باب

3597- حدثنا عَبْدُ الله بنُ أَبي زِيَادٍ، أخبرنا سَيّارٌ، أخبرنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ إِسْحَاقَ عَن القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرّحمَنِ عَن أبيهِ عَن ابنِ مَسْعُودٍ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لَقِيتُ إبْرَاهيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فقالَ يا مُحَمدُ‏:‏ أَقْرِيء أُمّتَكَ مِنّي السّلاَمَ وَاخْبِرْهُمْ أَنّ الْجَنّةَ طَيّبَةُ التّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأنّهَا قِيعَانٌ، وَأَنّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ الله والْحَمْدُ لله وَلاَ إلهَ إلاّ الله وَالله أكْبَرُ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وفي البابِ عَن أبِي أَيّوبَ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ‏.‏

3598- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أخبرنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، أخبرنا مُوسَى الْجُهَنِيّ حَدّثنِي مُصْعَبُ بنُ سَعْدٍ عَن أَبِيهِ‏:‏ ‏"‏أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لُجِلَسَائِهِ‏:‏ أيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ ألْفَ حَسَنَةٍ‏؟‏ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ‏؟‏ قالَ‏:‏ يُسَبّحُ أحَدُكُمْ مائَةَ تَسْبِيحَةٍ تُكْتَبُ لَهُ ألُفُ حَسَنَةٍ وَتُحَطّ عَنْهُ أَلْفُ سَيّئَةٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا سيار‏)‏ بن حاتم العنزي ‏(‏أخبرنا عبد الواحد بن زياد‏)‏ العبدي البصري ‏(‏عن عبد الرحمن بن إسحاق‏)‏ أبي شيبة الواسطي الكوفي ‏(‏عن القاسم بن عبد الرحمن‏)‏ بن عبد الله بن مسعود‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏لقيت إبراهيم‏)‏ أي الخليل عليه الصلاة والسلام ‏"‏ليلة أسرى بي‏"‏ قال القاري بالإضافة وفي نسخة يعني من المشكاة بتنوين ليلة أي ليلة أسري فيها بي وهي ليلة المعراج ‏(‏فقال‏)‏ أي إبراهيم وهو في محله من السماء السابعة مسنداً ظهره إلى البيت المعمور ‏"‏أقرئ‏"‏ أمر من الإقراء أو من قرأ يقرأ ‏"‏أمتك مني السلام‏"‏ أي بلغهم مني السلام ‏"‏طيبة التربة‏"‏ بضم الفوقية وسكون الراء هي التراب من قرابها المسك والزعفران ولا أطيب منهما ‏"‏عذبة الماء‏"‏ أي ماؤها طيب لا ملوحة فيه ب 2 ‏"‏وأنها‏"‏ بالفتح ويكسر أي الجنة ‏"‏قيعان‏"‏ بكسر القاف جمع قاع وهي الأرض المستوية الخالية من الشجر ‏"‏وأن‏"‏ بالوجهين ‏"‏غراسها‏"‏ بكسر الغين المعجمة جمع غرس بالفتح وهو ما يغرس أي يستره تراب الأرض من نحو البذر لينبت بعد ذلك‏.‏ وإذا كانت تلك التربة طيبة وماؤها عذباً كان الغراس أطيب لا سيما والغرس الكلمات الطيبات وهن الباقيات الصالحات، والمعنى أعلمهم بأن هذه الكلمات ونحوها سبب لدخول قائلها الجنة ولكثرة أشجار منزلة فيها لأنه كلما كررها نبت له أشجار بعددها‏.‏ وقال الطيبي في هذا الحديث إشكال لأنه يدل على أن أرض الجنة خالية عن الأشجار والقصور ويدل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏جنات تجري من تحتها الأنهار‏}‏ على أنها غير خالية عنها لأنها إنما سميت جنة لأشجارها المتكاثفة المظلة بالتفاف أغصانها، والجواب أنها كانت قيعاناً ثم إن الله تعالى أوجد بفضله فيها أشجاراً وقصوراً بحسب أعمال العاملين لكل عامل ما يختص به بسبب عمله، ثم إنه تعالى لما بسره لما خلق له من العمل لينال بذلك الثواب جعله كالغارس لتلك الأشجار مجازاً إطلاقاً للسبب على المسبب انتهى قال القاري‏:‏ وأجيب أيضاً بأنه لا دلالة في الحديث على الخلو الكلي من الأشجار والقصور لأن معنى كونها قيعاناً أن أكثرها مغروس وما عداه منها أمكنة واسعة بلا غرس لينغرس بتلك الكلمات ويتميز غرسها الأصلي الذي بلا سبب وغرسها المسبب عن تلك الكلمات انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن أبي أيوب‏)‏ أخرجه أحمد بإسناد حسن وابن أبي الدنيا وابن حبان في صحيحه كذا في الترغيب قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ رواه الترمذي والطبراني في الصغير والأوسط وزاد ولا حول ولا قوة إلا بالله روياه عن عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود‏.‏ وقال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود‏.‏ قال المنذري أبو القاسم هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وعبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الكوفي واه، ورواه الطبراني أيضاً بإسناد واه من حديث سلمان الفارسي ولفظه‏:‏ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن في الجنة قيعاناً فأكثروا من غرسها‏.‏ قالوا يا رسول الله وما غرسها قال‏:‏ ‏"‏سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر‏"‏‏.‏ انتهى كلام المنذري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا يحيى بن سعيد‏)‏ القطان ‏(‏أخبرنا موسى الجهني‏)‏ في التقريب موسى بن عبد الله ويقال ابن عبد الرحمن الجهني أبو سلمة الكوفي ثقة عابد لم يصح أن القطان طعن فيه من السادسة ‏(‏عن أبيه‏)‏ أي سعد بن أبي وقاص‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏أيعجز‏"‏ بكسر الجيم ‏"‏أن يكسب‏"‏ أي يحصل ‏"‏تكتب له ألف حسنة‏"‏ لأن الحسنة الواحدة بعشر أمثالها وهو أقل المضاعفة الموعودة في القرآن بقوله‏:‏ ‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء‏}‏ ‏"‏وتحط‏"‏ بالواو وفي رواية مسلم أو تحط بأو، قال النووي‏:‏ هكذا هو في عامة نسخ صحيح مسلم أو يحيط بأو، وفي بعضها ويحط بالواو‏.‏ وقال الحميدي في الجمع بين الصحيحين‏:‏ كذا هو في كتاب مسلم أو يحط بأو‏.‏ قال أبو بكر البرقاني‏:‏ ورواه شعبة وأبو عوانة ويحيى بن سعيد القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا ويحط بالواو انتهى‏.‏ قال القاري قد تأتي الواو بمعنى أو فلا منافاة بين الروايتين، وكأن المعنى أن من قالها يكتب له ألف حسنة إن لم يكن عليه فيحط بعض ويكتسب بعض‏.‏ ويمكن أن تكون أو بمعنى الواو أو بمعنى بل فحينئذ بجمع له بينهما وفضل الله أوسع من ذلك انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم والنسائي وابن حبان‏.‏

1960- باب

3599- حدثنا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قالُوا، حدثنا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ عَن حَجّاجٍ الصّوّافِ عَن أبي الزّبَيْرِ عَن جَابِر عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ سُبْحَانَ الله العَظِيمِ وبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الْجَنّةِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيحٌ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ أبي الزّبَيْرِ عَن جابِرٍ‏.‏

3600- حدثنا مُحمّدُ بنُ رَافِعٍ، حدثنا المُؤَمّل عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ عَن أبي الزّبَيْرِ عَن جَابِرٍ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ سُبْحَانَ الله العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الْجَنّةِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

3601- حدثنا نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الكُوفِيّ حدثنا المُحَارِبيّ عَن مَالِكِ بنِ أنَسٍ عَن سُمَيّ عَن أَبي صَالِحٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرّةٍ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبهُ وَإِنْ كانَتْ مِثْلَ زَبدِ البَحْرِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3602- حدثنا يُوسُفُ بنُ عِيسَى، أخبرنا مُحمّدُ بنُ الفُضَيْلٍ عَن عُمَارَةَ بنِ القَعْقَاعِ عَن أَبي زُرْعَةَ عن عمرو بن جرير عَن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلى الرّحمَن سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله العظيم‏"‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَريبٌ‏.‏

3603- حدثنا إسْحَاقُ بنُ مُوسَى الأنْصَارِيّ، حدثنا مُعْنٌ حدثنا مَالِكٌ عَن سُمَيّ عَن أَبي صَالِحٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ لا إِلَه إلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيَى وَيُمِيتُ وهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ في يَوْمٍ مائَةَ مَرّةٍ كانَت لَهُ عِدْل عَشْرِ رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مائَةُ سَيّئَةٍ وكَانَ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتّى يمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بأفْضَلَ مِمّا جَاءَ بِهِ إلاّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‏"‏ وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏مَنْ قالَ سُبْحَانَ الله وَبِجَمْدِهِ مائَةَ مَرّةٍ حُطّتْ خَطَاياهُ وَإِنْ كانَتْ أكْثَرَ مِنْ زَبَدِ البَحْرِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏سبحان الله العظيم وبحمده‏"‏ قيل الواو زائدة أي تسبيحاً مقروناً بحمده ‏"‏غرست له‏"‏ بصيغة المجهول يقال غرست الشجرة غرساً وغراساً إذا نصبتها في الأرض ‏"‏نخلة‏"‏ أي غرست له بكل مرة نخلة ‏"‏في الجنة‏"‏ أي المعدة لقائلها خصت لكثرة منفعتها وطيب ثمرتها ولذلك ضرب الله تعالى مثل المؤمن وإيمانه بها وثمرتها في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة‏}‏ وهي كلمة التوحيد ‏{‏كشجرة طيبة‏}‏ وهي النخلة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب صحيح‏)‏ وأخرجه النسائي إلا أنه قال‏:‏ غرست له شجرة‏.‏ وابن حبان في صحيحه والحاكم في موضعين بإسنادين قال في أحدهما‏:‏ على شرط مسلم‏.‏ وقال في الاَخر‏:‏ على شرط البخاري‏.‏ كذا في الترغيب للمنذري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن رافع‏)‏ القشيري النيسابوري ‏(‏حدثنا المؤمل‏)‏ بن إسماعيل‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا المحاربي‏)‏ هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن زياد ‏(‏عن سمي‏)‏ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏من قال سبحان الله وبحمده‏"‏ أي في يوم كما في رواية الشيخين ‏"‏مائة مرة‏"‏ قال الطيبي سواء كانت متفرقة أو مجتمعة في مجلس أو مجالس في أول النهار أو آخره إلا أن الأولى جمعها في أول النهار ‏"‏وإن كانت مثل زبد البحر‏"‏ كناية عن المبالغة في الكثرة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والشيخان وابن ماجة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يوسف بن عيسى‏)‏ المروزي ‏(‏أخبرنا محمد بن فضيل‏)‏ بضم الفاء وفتح المعجمة وسكون التحتانية ابن عزوان الضبي مولاهم الكوفي ‏(‏عن عمارة‏)‏ بضم العين المهملة وخفة الميم ‏(‏بن القعقاع‏)‏ بفتح قافين وبعينين مهملتين عن أبي زرعة‏)‏ بن عمرو بن جرير قوله‏:‏ ‏"‏كلمتان‏"‏ أي جملتان مفيدتان وفيه إطلاق الكلمة على الكلام وهو مثل كلمة الإخلاص وكلمة الشهادة وهو خبر وخفيفتان وما بعده صفة والمبتدأ سبحان الله إلى آخره، والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ وكلما طال الكلام في وصف الخبر حسن تقديمه لأن كثرة الأوصاف الجميلة تزيد السامع شوقاً ‏"‏حفيفتان على اللسان‏"‏ أي يجريان عليه بالسهولة ‏"‏ثقيلتان في الميزان‏"‏ أي بالمثوبة‏.‏ قال الحافظ وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب‏.‏ وقال الطيبي الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جريان هذا الكلام بما يخف على الحامل من بعض الحمولات فلا يشق عليه فذكر المشبه وأراد المشبه به‏.‏ وأما الثقل فعلى حقيقته لأن الأعمال تتجسم عند الميزان انتهى‏.‏ وقيل توزن صحائف الأعمال ويدل عليه حديث البطاقة والسجلات‏.‏ وقال الحافظ‏:‏ الصحيح أن الأعمال هي التي توزن، وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعاً‏:‏ ‏"‏ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من خلق حسن‏"‏‏.‏ قال وقد سئل بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة وخفة السيئة فقال لأن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها، والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها انتهى ‏"‏حبيبتان إلى الرحمن‏"‏ تثنية حبيبة وهي المحبوبة لأن فيهما المدح بالصفات السلبية التي يدل عليها التنزية وبالصفات الثبوتية التي يدل عليها الحمد، وقيل المراد أن قائلها محبوب الله تعالى ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم، وخص الرحمن من الأسماء الحسنى للتنبيه على سعة رحمة الله حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل‏.‏ فإن قيل فعيل بمعنى مفعول يستوي المذكر والمؤنث ولا سيما إذا كان موصوفه معه فلم عدل عن التذكير إلى التأنيث‏؟‏ فالجواب أن ذلك جائز لا واجب وقيل أنث لمناسبة الثقيلتين والخفيفتين ‏"‏سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم‏"‏ هكذا وقع في هذا الكتاب بتقديم سبحان الله العظيم على سبحان الله وبحمده‏.‏ وكذا وقع عند البخاري في الدعوات ووقع عنده في الإيمان والنذور والتوحيد بتقديم سبحان الله وبحمده على سبحان الله العظيم، وكذلك وقع عند مسلم وابن ماجتة‏.‏

قال الحافظ‏:‏ قيل الواو في قوله وبحمده للحال والتقدير أسبح الله متلبساً بحمدي له من أجل توفيقه‏.‏ وقيل عاطفة والتقدير أسبح الله وأتلبس بحمده، ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم والتقدير وأثنى عليه بحمده فيكون سبحان الله جملة مستقلة وبحمده جملة أخرى انتهى‏.‏

قلت‏:‏ الواو إذا كانت للحال فالظاهر أن التقدير نسبح الله ونحن متلبسون بحمده‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجة وابن حبان كلهم من طريق محمد بن فضيل بن غزوان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة‏.‏

قال الحافظ‏:‏ وجه الغرابة فيه هو تفرد محمد بن فضيل وشيخه وشيخ شيخه وصحابيه انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏في يوم مائة مرة‏"‏ مجتمعة أو متفرقة ‏"‏كان‏"‏ أي ما ذكر ‏"‏له‏"‏ أي للقائل به ‏"‏عدل عشر رقاب‏"‏ بكسر العين وفتحها بمعنى المثل أي ثواب عتق عشر رقاب وهو جمع رقبة وهي في الأصل العنق فجعلته كناية عن جميع ذات الإنسان تسمية للشيء ببعضه أي يضاعف ثوابه حتى يصير مثل ثواب العتق المذكور ‏"‏وكتبت‏"‏ أي ثبتت ‏"‏مائة حسنة‏"‏ بالرفع ‏"‏ومحيت‏"‏ أي أزيلت ‏"‏وكان حرزاً‏"‏ أي حفظاً ومعنى ‏"‏من الشيطان‏"‏ أي من غوائله ووساوسه ‏"‏يومه ذلك‏"‏ أي في اليوم الذي قاله فيه ‏"‏حتى يمسي‏"‏ ظاهر التقابل أنه إذا قال في الليل كان له حرزاً منه ليلة ذلك حتى يصبح فيحتمل أن يكون اختصاراً من الراوي أو ترك لوضوح المقابلة، وتخصيص النهار لأنه أحوج فيه إلى الحفظ قاله القاري‏.‏ قلت‏:‏ قال الحافظ في الفتح قوله كانت له حرزاً من الشيطان في رواية عبد الله بن سعيد وحفظ يومه حتى يمسي وزاد من قال مثل ذلك حين يمسي، كان له مثل ذلك ومثل ذلك‏.‏ في طريق أخرى يأتي التنبيه عليها بعد انتهى‏.‏ قال النووي‏:‏ ظاهر إطلاق الحديث أنه يحصل هذا الأجر المذكور في الحديث لمن قال هذا التهليل مائة مرة في يومه سواء قاله متوالية أو متفرقة في مجالس أو بعضها أول النهار وبعضها آخره لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار ليكون حرزاً له في جميع نهاره وكذا في أول الليل ليكون حرزاً له في جميع ليلة ‏"‏ولم يأت أحد‏"‏ أي يوم القيامة ‏"‏بأفضل مما جاء به‏"‏ أي بأي عمل كان من الحسنات ‏"‏إلا أحد عمل أكثر من ذلك‏"‏ أي من جنسه أو غيره‏.‏ قال النووي‏:‏ فيه دليل أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم كان له هذا الأجر المذكور في الحديث على المائة ويكون له ثواب آخر على الزيادة، وليس هذا من الحدود التي نهى عن اعتدائها ومجاوزة أعدادها وأن زيادتها لا فضل فيها أو تبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد الزيادة من أعمال الخير لا من نفس التهليل، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره وهذا الاحتمال أظهر والله أعلم انتهى‏.‏ ‏"‏حطت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر‏"‏ ظاهره مع قوله في التهليل محيت عنه مائة سيئة أن التسبيح أفضل من التهليل لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة، وقد قال في التهليل‏:‏ ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، قال القاضي في الجواب عن هذا‏.‏ إن التهليل المذكور أفضل ويكون ما فيه من زيادة الحسنات ومحو السيئات‏.‏ وما فيه من فضل عتق الرقاب وكونه حرزاً من الشيطان زائداً على فضل التسبيح وتكفير الخطايا لأنه قد ثبت أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار‏.‏ وقد حصل بعتق رقبة واحدة تكفير جميع الخطايا مع ما يبقى له من زيادة عتق الرقاب الزائدة على الواحدة ومع ما فيه من زيادة مائة درجة وكونه حرزاً من الشيطان، ويؤيده ما جاء في الحديث الاَخر أن أفضل الذكر التهليل مع الحديث الاَخر‏:‏ ‏"‏أفضل ما قلته أن والنبيون قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏"‏ الحديث، وقيل إنه إسم الله الأعظم وهي كلمة الإخلاص‏.‏ كذا في شرح مسلم للنووي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة وأبو عوانة‏.‏

1961- باب

3604- حدثنا مُحمّدُ بنُ عَبْدِ المَلكِ بنِ أَبي الشّوَارِبِ، حدثنا عَبْدُ العَزِيز بنُ المُخْتَارِ عَن سُهَيْلِ بنِ أبي صَالحٍ عَن سُمَيّ عَن أَبي صَالحٍ عَن أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سَبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مِائَةُ مَرّةٍ لَمْ يَأْتِ أحَدٌ يَوْمَ القَيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمّا جَاءَ بِهِ إِلاّ أحَدٌ قالَ مِثْلَ ما قالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏

3605- حدثنا إِسمَاعِيلُ بنُ مُوسَى الكوفيّ أخبرنا دَاوُدُ بنُ الزّبْرَقانِ عَن مَطَرٍ الْوَرّاقِ عَن نافِعِ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ‏:‏ ‏"‏قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ لأَصْحَابِهِ قُولُوا سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرّةٍ مَنْ قالَها مَرّةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً، ومَنْ قَالَهَا عَشْراً كُتِبَتْ لَهُ مِائَةً، وَمَن قَالَهَا مِائَةً كُتِبَتْ لَهُ أَلْفاً، وَمَنْ زَادَ زَادَهُ الله، وَمَنِ اسْتَغْفَرَ الله غَفَرَ الله لَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة‏"‏ قال القاري أي فيهما بأي يأتي ببعضها في هذا أو في كل واحد منهما وهو الأظهر ‏"‏لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء‏"‏ أي القائل ‏"‏به‏"‏ وهو قول المائة المذكورة ‏"‏إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه‏"‏ وأجيب أن الاعتراض المشهور بأن الاستثناء منقطع أو كلمة أو بمعنى الواو‏.‏ قال الطيبي‏:‏ أن يكون ما جاء به أفضل من كل ما جاء به غيره إلا مما جاء به من قال مثله أو زاد عليه، قيل الاستثناء منقطع والتقدير لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قاله فأنه يأتي بمساواته فلا يستقيم أن يكون متصلاً إلا على تأويل نحو قوله‏:‏ وبلدة ليس بها أنيس‏.‏ وقيل بتقدير لم يأت أحد بمثل ما جاء به أو بأفضل مما جاء به الخ والاستثناء متصل كذا في المرقاة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه مسلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن موسى‏)‏ الفزاري ‏(‏أخبرنا داود بن الزبرقان‏)‏ بكسر زاي وسكون موحدة وكسر راء وبقاف ‏(‏عن مطر‏)‏ بفتحتين ‏(‏الوراق‏)‏ هو مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء السلمي مولاهم الخرساني سكن البصرة صدوق كثير الخطأ وحديثه عن عطاء ضعيف من السادسة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم‏)‏ كلمة ذات مقحمة أي قال يوماً‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ في سنده داود بن الزبرقان وهو متروك وكذبه الأزدي‏.‏

1962- باب

3606- حدثنا مُحمّدُ بنُ وزِيرٍ الْوَاسِطِيّ، أخبرنا أَبُو سُفْيَانَ الْحُمَيْرِيّ هو سعيد بن يحيى الواسطي عَن الضّحّاكِ بنُ حُمْرَةَ عَن عَمْرِو بنِ شعَيْبٍ عَن أبِيهِ عَن جَدّهِ قالَ قالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ سَبّحَ الله مِائَةً بالغَدَاةِ وَمائَةً بالعَشِيّ كَانَ كَمَنْ حَجّ مِائَةَ مرة، وَمَنْ حَمِدَ الله مائَةً بالغَدَاةِ وَمائَةً بالعَشِيّ كانَ كَمَنْ حَمَلَ عَلَى مائةِ فَرَسٍ في سَبِيلِ الله أَوْ قالَ غَزَا مائةَ غَزْوَةٍ، وَمَنْ هَلّلَ الله مِائةً بالغَدَاةِ وَمائةً بالْعَشِيّ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ مِنَ وَلد إِسْمَاعِيلَ، وَمَنْ كَبّرَ الله مِائةً بالغَدَاةِ وَمِائةً بالعَشِيّ لَمْ يَأْتِ في ذَلِكَ اليَوْمِ أحَدٌ بأَكْثَرَ مِمّا أتَى بِهِ إِلاّ مَنْ قالَ مِثْلَ ما قَالَ أَو زَادَ عَلَى ما قالَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

3607- حدثنا الْحُسَيْنُ بنُ الأَسْوَدِ العِجْلِيّ البَغْدَادِيّ، حدثنا يَحْيَى بنُ آدَمَ عَن الْحَسَنِ بنِ صَالحٍ عَن أَبي بِشْرٍ عَن الزّهْرِيّ قال‏:‏ ‏"‏تَسْبِيحَةٌ في رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ ألْفِ تَسْبِيحَةٍ في غَيْرِهِ‏"‏‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو سفيان الحميري‏)‏ بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وفتح التحتانية إسمه سعيد بن يحيى بن مهدي بن عبد الرحمن الحذاء الواسطي صدوق وسط من التاسعة ‏(‏عن الضحاك بن حمرة‏)‏ بضم الحاء المهملة وسكون الميم وفتح الراء المهملة الأملوكي الواسطي ضعيف من السادسة‏.‏ ووقع في النسخة الأحمدية عن الضحاك بن حمزة بالحاء والميم والزاي المنقوطة وهو غلط‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏من سبح الله مائة‏"‏ أي من قال سبحان الله مائة مرة ‏"‏بالغداة ومائة بالعشي‏"‏ أي أول النهار وأول الليل أو في الملوين ‏"‏كان كمن حج مائة حجة‏"‏ أي نافلة‏.‏ دل الحديث على أن الذكر بشرط الحضور مع الله بسهولته أفضل من العبادات الشاقة بغفلته ويمكن أن يكون الحديث من باب إلحاق الناقص بالكامل مبالغة في الترغيب أو يراد التساوي بين التسبيح المضاعف بالحجج الغير المضاعفة ‏"‏كان كمن حمل‏"‏ بالتخفيف أي أركب مائة نفس ‏"‏على مائة فرس في سبيل الله‏"‏ أي في نحو الجهاد إما صدقة أو عارية ‏"‏أو قال غزا مائة غزوة‏"‏ شك من الراوي ‏"‏ومن هلل الله‏"‏ أي قال لا إله إلا الله ‏"‏كان كمن أعتق مائة رقبة‏"‏ فيه تسلية للذاكرين من الفقراء العاجزين عن العبادات المالية المختصة بها الأغنياء ‏"‏من ولد إسماعيل‏"‏ بضم الواو وسكون اللام وبفتحهما يقع على الواحد والتثنية والجمع فإن قلت ما وجه تخصيص الذكر من ولد إسماعيل عليه السلام‏؟‏ قلت لأن عتق من كان من والده له فضل على عتق غيره‏.‏ وذلك أن محمداً وإسماعيل وإبرايم صلوات الله عليهم وسلامه بعضهم من بعض ‏"‏لم يأت في ذلك اليوم أحد‏"‏ أي يوم القيامة ‏"‏بأكثر‏"‏ أي بثواب أكثر أو المراد بعمل أفضل وإنما عبر بأكثر لأنه معنى أفضل ‏"‏مما أتى به‏"‏ أي جاء به أو بمثله، قيل ظاهره أن هذا أفضل من جميع ما قبله، والذي دلت الأحاديث الصحيحة الكثيرة أن أفضل هذا التهليل فالتحميد فالتكبير فالتسبيح فحينئذ يؤول بأن يقال لم يأت في ذلك اليوم أحد غير المهلل والحامد المذكورين أكثر مما أتى به‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ في سنده الضحاك بن حمرة وهو ضعيف وأخرجه النسائي أيضاً‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الحسين بن الأسود العجلي البغدادي‏)‏ هو الحسين بن علي ابن الأسود العجلي البغدادي ‏(‏عن الحسن بن صالح‏)‏ بن صالح بن حي الهمداني ‏(‏عن أبي بشر‏)‏ قال في الميزان‏:‏ أبو بشر عن الزهري لا يعرف تفرد عنه الحسن بن صالح بن حي‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة من غيره‏"‏ هذا قول الزهري ولم أقف على حديث مرفوع يدل على ذلك‏.‏

1963- باب

3608- حدثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، أخبرنا اللّيْثُ عَن الْخَلِيلِ بنِ مُرّةَ عَن أزْهَرَ بنِ عَبْدِ الله عَن تَمِيم الدّارِيّ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ أشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاّ الله وحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ إلَهاً وَاحِداً أحَداً صَمَداً لَمْ يَتّخِذْ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ‏.‏ عَشْرَ مَرّاتٍ كَتَبَ الله لَه أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏ وَالْخَلِيلُ بنُ مُرّةَ لَيْسَ بالْقَوِيّ عِنْدَ أَصْحابِ الحَدِيثِ‏.‏ قالَ مُحمّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ هُوَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ‏.‏

3609- حدثنا إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ، حدثنا عَلِيّ بنُ مَعْبَدٍ المصري حدثنا عُبَيْدُ الله بنُ عَمْرٍو الرّقّيّ عَن زَيْدِ بنِ أَبي أُنَيْسَةَ عَن شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ عَن أبي ذَرّ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ في دُبُرِ صَلاَةِ الفَجْرِ وَهُوَ في رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلّمَ‏:‏ لاَ إله إلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏.‏ عَشْرَ مَرّاتٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وكانَ يَوْمَهْ ذَلِكَ كُلّهُ في حِرْزٍ مِنْ كُلّ مَكْرُوهٍ وَحُرِسَ مِنَ الشّيْطَانِ وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ في ذَلِكَ اليَوْمِ إِلاّ الشّرْكَ بالله‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَريبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا الليث‏)‏ بن سعد ‏(‏عن أزهر بن عبد الله‏)‏ الحرازي الحمصي يقال هو أزهر بن سعيد تابعي حسن الحديث لكنه ناصبي ينال من علي رضي الله عنه كذا في الميزان‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إلهاً واحداً أحداً‏"‏ الواحد والأحد هنا بمعنى فذكر الأحد بعد الواحد للتأكيد، ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى لا يقال رجل أحد ولا درهم أحد كما يقال رجل واحد ودرهم واحد، قيل والواحد يدخل في الأحد والأحد لا يدخل فيه، فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه إثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد‏.‏ وذكر أحد في الإثبات مع أن المشهور أنه يستعمل بعد النفي كما أن الواحد لا يستعمل إلا بعد الإثبات‏.‏ يقال في الدار واحد وما في الدار أحد، فالجواب عنه ما قال ابن عباس أنه لا فرق بينهما في المعنى، واختاره أبو عبيدة ويؤيده قوله تعالى ‏{‏فابعثوا أحدكم بورقكم‏}‏ عليه فلا يختص أحدهما بحمل دون آخر وإن اشتهر استعمال أحدهما في النفي والاَخر في الإثبات ‏"‏صمداً‏"‏ الصمد هو الذي يصمد إليه في الحاجات أي يقصد لكونه قادراً على قضائها فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض لأنه مصمود إليه أي مقصود إليه‏.‏ قال الزجاج‏:‏ الصمد السيد الذي انتهى إليه السؤدد فلا سيد فوقه، وقيل هو المستغني عن كل أحد والمحتاج إليه كل أحد ‏"‏لم يتخذ صاحبة‏"‏ أي زوجة ‏"‏ولا ولداً‏"‏ لأن الصاحبة تتخذ للحاجة والولد للاستئناس به والله تعالى منزه عن كل نقص ‏"‏ولم يكن له كفواً أحد‏"‏ أي مكافياً ومماثلاً‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد ‏(‏والخليل بن مرة ليس بالقوي عند أصحاب الحديث الخ‏)‏‏.‏ فالحديث ضعيف ومع ضعفه منقطع قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة أزهر بن عبد الله‏:‏ روى عن تميم الداري مرسلاً‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن منصور‏)‏ الكوسج ‏(‏أخبرنا علي بن معبد‏)‏ ابن شداد الرقي نزيل مصر ثقة فقيه من كبار العاشرة ‏(‏عن عبد الرحمن بن غنم‏)‏ بفتح المعجمة وسكون النون الأشعري‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه‏"‏ أي عاطف رجليه في التشهد قبل أن ينهض، وفي رواية أحمد من قال قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح أي قبل أن ينصرف من مكان صلاته وقبل أن يعطف رجله ويغيرها عن هيئة التشهد قال في النهاية هذا ضد الأول في اللفظ ومثله في المعنى لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد ‏"‏كتبت له عشر حسنات‏"‏ يجوز في مثل هذا تذكير الفعل وتأنيثه ولذلك ذكر الفعل في القرينتين الاَتيتين، أما التأنيث فلا كتاب لفظ عشر التأنيث من الإضافة وأما التذكير فبظاهر اللفظ ‏"‏وكان‏"‏ أي القائل ‏"‏يومه‏"‏ بالنصب على الظرفية ‏"‏في حرز‏"‏ أي حفظ ‏"‏من كل مكروه‏"‏ أي من الاَفات ‏"‏وحرس‏"‏ بفتح المهملة وسكون الراء هو بمعنى الحرز والحفظ ‏"‏من الشيطان‏"‏ تخصيص بعد تعميم لكمال الاعتناء ‏"‏ولم ينبغ‏"‏ أي لم يجز، وفي رواية أحمد لم يحل ‏"‏أن يدركه‏"‏ أي يهلكه ويبطل عمله ‏"‏إلا الشرك بالله‏"‏ أي إن وقع منه‏.‏ قال الطيبي فيه استعارة ما أحسن موقعها فإن الداعي إذا دعا بكلمة التوحيد فقد أدخل نفسه حرماً آمناً فلا يستقيم للذنب أن يحل ويهتك حرمة الله فإذا خرج عن حرم التوحيد أدركه الشرك لا محالة، والمعنى لا ينبغي لذنب أي ذنب أن يدرك القائل ويحيط به ويستأصله سوى الشرك‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه النسائي والطبراني في الأوسط وأخرجه أحمد من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر أبي ذر‏.‏

تنبيه‏:‏

ظاهر هذه الأحاديث أن هذه الفضائل لكل ذاكر، وذكر القاضي عن بعض العلماء أن الفضل الوارد في مثل هذه الأعمال الصالحة والأذكار إنما هو لأهل الفضل في الدين والطهارة من الجرائم العظام وليس من أصر على شهواته وانتهك دين الله وحرماته بلا حق بالأفاضل المطهرين من ذلك، ويشهد له قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ الاَية‏.‏